خرافات داخل الهرم الأكبر!
خرافات داخل الهرم الأكبر!
يحكي أنيس منصور في أحد كتبه عن عالم فرنسي يُدعى بوفيس أنه اكتشف جثثًا لحيوانات مدفونة في غرفة الملك خوفو، لم تتعفَّن رغم الرطوبة، وسرعان ما ربط بين عدم التعفُّن والشكل الهندسي الهرمي الذي استغلَّه الفراعنة -أو سحرتهم- لحفظ الجثث وتحنيط الموتى، ولما رجع إلى فرنسا صنع نموذجًا مصغرًا للهرم الأكبر ووضعه مقابلًا للجهات الأربع تمامًا كما في الهرم الأكبر، فتحوَّلت القطة الميتة إلى مومياء بداخله! والعيب ليس على بوفيس لأنه ليس عالمًا بالأساس وإن نطق باسمه، لكن أن يأتي أحد علماء البيولوجيا (ليال واطسون) ليؤكِّد مزاعم بوفيس في كتابه “فيما وراء الطبيعة”، وقد حشاه بمعجزات مثيرة تتم داخل الهرم الأكبر، فهذا إساءة للعلم واستخفاف بعقول الناس وعدم تحرِّي الأمانة العلمية.
لماذا إذن نستعمل الثلاجات التي تكلِّفنا المال وتستهلك الطاقة ما دام يمكننا صناعة نماذج هرمية لحفظ الأشياء ولأغراض أخرى كما يحدث داخل الهرم الأكبر؟! التجربة الصادقة وحدها هي الحكم للبتِّ بحكمٍ فصلٍ في هذه القضية، وقد أجرى المؤلف التجربة؛ فصنع من الورق المقوَّى نموذجًا هرميًّا وآخر على شكل صندوق، ففسدت الأطعمة في كليهما في نفس التوقيت، ولمزيد من التأكُّد حصل المؤلف على موافقة من مصلحة الآثار لإجراء التجارب داخل الهرم نفسه، فوضع ثلاث وجبات متشابهة خارج الهرم وأخرى في سرداب أرضي تحت الهرم، وثالثة في حجرة الملك، فوجد باستخدام إحدى طرق التحلل البكتيري أن تعفُّن الأطعمة ونمو البكتيريا في حجرة الملك كان أسرع من خارج الهرم بمعدل الضعف تقريبًا، فالأهرامات أعجز من أن تخرق النواميس الكونية، أو أن تشفي مرضى الفصام، أو أن تعيد شفرات الحلاقة الثلمة إلى حدَّتها، وجرِّب تعرف.
الفكرة من كتاب الإنسان الحائر بين العلم والخرافة
جاء في لسان العرب: الخُرافة الحديثُ الـمُسْتَمْلَحُ من الكذب وذكروا في قولهم: “حديثُ خُرافة” أنَّه رجل من بني عُذْرَةَ أَو جُهَيْنةَ، اخْتَطَفَتْه الجِنُّ ثم رجع إلى قومه فكان يُحَدِّثُ بأَحاديثَ مما رأى يَعْجَبُ منها الناسُ فكذَّبوه فجرى على ألسُن الناس.
ولكل عصر خرافاته، غير أن خرافات العصر الحديث -وإن كانت لها جذور قديمة- تتخذ لبوس العلم، وتتشبَّع زورًا بروح منهجه، وساعد على رواجها طبيعة الإنسان الجانحة إلى الخيال وأجهزة الإعلام الباحثة عن الإثارة، ورغبة بعض الأذكياء الاشتهار أو التربُّح السريع على حساب جهل الدهماء من الناس، ويتناول هذا الكتاب بعض الخرافات الحديثة المنتشرة، مُقدِّمًا لها التفسير العلمي الصحيح بأسلوب مبسط.
مؤلف كتاب الإنسان الحائر بين العلم والخرافة
الدكتور عبد المحسن صالح: وُلد بمحافظة بني سويف في ٢٤ فبراير عام ١٩٢٨، وتخرج في كلية العلوم بجامعة القاهرة عام ١٩٥٠، ثم حصل على درجتي الماجستير عام والدكتوراه من الجامعة نفسها في علم الكائنات الدقيقة، وعمل أستاذًا لعلم الكائنات الدقيقة بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، وكان عضوًا في جمعية الميكروبيولوجيا التطبيقية، وتُوفي بين كتبه وأبحاثه في غرة رمضان عام ١٩٨٦.
ومن مؤلفاته:
– التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان.
– مسكين عالم الذكور.
– الميكروبات والحياة.