الضحك
يعدُّ الضحك بمثابة لغة تواصل بين البشر، يعبِّر بها الإنسان عن حاله وشعوره، وتتعدَّد صور الضحك وتتنوَّع بين “الابتسامة” كتعبير صامت مرئي “والقهقهة” بصوت مرتفع كتعبير سماعي بشكل أساسي، كما تتنوَّع أشكال الضحك فنجد الضحك الطبيعي الخارج من أعماق القلب، والضحك المتكلِّف، والضحك المصطنع، والضحك الساخر، كما يستخدم الضحك للتعبير عن حالات انفعالية وعاطفية متعدِّدة للإنسان كالسعادة والسخرية والاستهزاء، فالضحك التلقائي بصوت مرتفع -على سبيل المثال- يدلُّ على عدم السيطرة على الجسد وفقدان التحكُّم لمدة وجيزة.
كما يمكن التعرُّف على حالة الإنسان إن كان سعيدًا أم ساخرًا أم مستهزئًا -وغير ذلك من أنواع الضحك- من خلال نبرة الصوت ودرجته، وسرعة وتيرة الضحك وقوته، كما أن طريقة الضحك قد تعبِّر أحيانًا عن الطبقة أو الفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها الإنسان، فمثلًا النساء الإنجليزيات من الطبقة المتوسطة يضحكون ضحكات عالية رنانة، بينما رجال القوات المسلحة لا يميلون إلى القهقهة، وترجع القدرة على تمييز الفئة أو الطبقة الاجتماعية إلى المهارات الاجتماعية التي يكتسبها الإنسان.
إن الإنسان قد يضحك على “ضحكة مضحكة للغاية”، فقد يضحك صديقك على نكتةٍ ما ليست مضحكة بالنسبة لك، ولكنك تضحك بسبب أن ضحكة صديقك هي ضحكة مضحكة للغاية، وإلى جانب ذلك قد يضحك الإنسان وهو لا يعرف على ماذا يضحك أو ما الشيء المضحك؟ فيما يُعرف باسم “عدوى الضحك”، بل قد يختلط على الإنسان نوعية الحالة الشعورية التي يعيشها شخص آخر، فقد نجد أن شخصًا ما فقدَ شيئًا عزيزًا عليه وتتساقط من عينيه الدموع ولكنه يضحك في ذات الوقت، فلا نعلم أهو حزين أم سعيد؟ فلا ندرك حينئذٍ أتلك طريقته في البكاء والتعبير عن حزنه، أم أنه يبكي بالفعل وتشابهت تعبيراته مع الضحك، ففي بعض الأحيان يصعب التفريق بين الضحك والبكاء.
الفكرة من كتاب فلسفة الفكاهة
تذهب دراسات كثيرة إلى القول إنه لا ينبغي تفسير الفكاهة، لأن تحليلها وتفسيرها يؤدي إلى تدميرها، إذ إن تفسير الفكاهة ينفي عنها كونها فكاهة، وفي الحقيقة هذا ليس صحيحًا إلا في حال تم إلقاء الفكاهة وتفسيرها في ذات الوقت، وبالتالي فإن فهم الطريقة التي تعمل بها الفكاهة لا يعني في الحقيقة تدميرها، وعمومًا فإن للدعابة والفكاهة استخدامات عديدة، فبعض الأشخاص المتصفين بالعنصرية قد يستخدمونها للترويج لأفكارهم التي لا يستطيعون -خوفًا من المجتمع- قولها بشكل تقليدي خالٍ من الدعابة، وقد تستخدم الفكاهة للحض على فضيلة، أو الترويج للجنس والعنف تحت ستار الدعابة، كما أن الفكاهة من وجهة نظر جوناثان ميلر: هي تسلية مجانية للعقل تريحنا من سلسلة الأفكار الروتينية، وتخفِّف من استبدادها، وتمنعنا من أن نصبح عبيدًا لها.
مؤلف كتاب فلسفة الفكاهة
تيري إيغلتون : هو كاتب ومفكر وناقد أدبي وأكاديمي بريطاني، يعمل في قسم الأدب الإنجليزي في جامعة لانكستر، قام بتأليف العديد من الكتب، منها: “النظرية الأدبية”، و”أوهام ما بعد الحداثة”، و”الرعب المقدس”، و”معنى الحياة”، و”مشكلات مع الغرباء”، و”فكرة الثقافة”، و”فلسفة الفكاهة”.
معلومات عن المترجم:
ماجد حامد: ترجم عددًا من الكتب، ومنها رواية “إجازة في بركة دماء”، لمؤلفها مايكل كونللي، وكتاب “نوڤاسين – عصر الذكاء الفائق القادم”، لمؤلفيه جايمس لوڤلوك وبراين آپليارد، ورواية “باسم الشعب”، لمؤلفها زو مايسن.