لحظة الحقيقة
لحظة الحقيقة
بعد معرفتنا لوجود نظامين يؤثران في قرارات الشراء، نتساءل: ما الذي يجعل العميل يقرر شراء علامة تجارية دون الأخرى؟ فحاول عالم الأعصاب برايان كنوستون معرفة ما إذا كان من الممكن توقُّع سلوك الشراء عن طريق تحليل النشاط العصبي، فقام بعرض صور للمنتجات والعلامات التجارية، والطلب من المشاركين تحديد ما إذا كانوا سيشترون المنتج أم لا، ثم قياس الأنشطة الدماغية عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي حيث أظهر أن صورة المنتج أو العلامة التجارية تزيد من تنشيط ما يُسمى بـ”جهاز المكافأة”، والذي يجعل الدماغ يرغب وقتها في الحصول على الشيء الذي تم تقديمه بناءً على القيمة المتوقعة من المنتج، والتي تم تكوينها بناءً على التجارب السابقة المباشرة أو غير مباشرة عن طريق رؤية آخرين يستخدمون المنتج.
وإذا كانت القيمة المتوقعة عالية، فسيكون مستوى تنشيط جهاز المكافأة عاليًا، والعكس صحيح، ولكن عند عرض السعر على المشاركين تم تنشيط منطقة مختلفة تمامًا في الدماغ، وهي “القشرة الجزيرية” التي عادةً ما يتم تنشيطها عندما يشعر المرء بالألم؛ كتعرُّضه لجرح ما في جسده، أو استبعاده من جماعة ما ويُسمى “ألمًا اجتماعيًّا”، وهكذا عندما ينظر المرء إلى السعر يمر دماغه بتجربة الألم، وهذا يعني كون السعر لا علاقة له بالعقلانية، إلا أنه نوع من الألم، فالمنتجات تكافئنا لأنها تساعدنا على تحقيق الأهداف وإشباع الرغبات، أما الأسعار فتتضمَّن التخلي عن شيء نمتلكه بالفعل، وله قيمة كبيرة عند الجميع، وهو المال، ولذا يعدُّ التخلي عنه تجربة مؤلمة، وهذا يقودنا إلى استنتاج أنه ليس هناك وحدة للتسوق في الدماغ، ولا يوجد زر للشراء، وإنما على العقل أن يقرر أي وحداته العصبية الحالية ستتعامل مع المنتجات والعلامات التجارية والأسعار.
وأوضحت النتائج إذن أن قرارات الشراء تعتمد على العلاقة بين المكافأة والألم، ولجعل المستهلكين يشترون منتجاتك يجب عليك زيادة عامل المكافأة وفي نفس الوقت تقليل عامل الألم، لكن من الشائع أن يتبنى المسوقون نهجًا منفصلًا، يركِّزون في الإعلان على القيمة التي سيقدمها المنتج أو الخدمة مع تضمين رسالة سعرية تقوم على أسلوب “البيع بالإلحاح” مثلًا لفترة محدودة، أو خصم ثلاثين بالمائة، فتزيد الرسالة الأولى المكافأة، في حين تقلل الرسالة الثانية الألم.
الفكرة من كتاب فك الشفرة.. التفسير العلمي لقرارات الشراء
يسيطر الغموض دائمًا على مجال التسويق، فأحيانًا يكتب لبعض الأفكار النجاح، وأحيانًا أخرى لا، دون أي أسباب تُذكر، فلا عجب إذن أن يرى المديرون التنفيذيون للشركات أن عمل قسم التسويق “هلامي” ينقصه الدقة والتحديد، وللخروج من هذا العالم المنعزل والحصول على ثقة الرؤساء حاول الكاتب هنا تفسير وتحليل آليات التسويق، والحملات الإعلانية، وأسرار العلامات التجارية، وأساليب التأثير في قرارات الشراء.
مؤلف كتاب فك الشفرة.. التفسير العلمي لقرارات الشراء
فيل باردن: مُسوِّق محترف لديه خبرة أكثر من ٢٥ عامًا في مجال التسويق، عمل خلالها في مناصب كثيرة في شركات مرموقة مثل يونيليفر ودياجيو، له العديد من المؤلفات، منها:
A New Indicator of scientific research industry.
Still the Beast is feeding.
معلومات عن المترجم:
مصطفي محمد فؤاد: تخرَّج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس عام ١٩٩٩م، ويعمل حاليًّا في وظيفة مراجع أول، ترجم العديد من الكتب، منها:
الوعي.. مقدمة قصيرة جدًّا.
مشكلات مع الغرباء.
الخلية.. مقدمة قصيرة جدًّا.