آداب الحوار
آداب الحوار
الحوار هو مناقشة لها آدابها، بل هو حضارة تؤثر في قيم أفرادها وأفكارهم، وطريقة دعوية مؤثرة أيضًا، لذا على المحاور معرفة آداب الحوار المحمود، وجاء آداب الحوار في القرآن الكريم بعدة مواضع، فمنها: أن يكون الحوار بالقول اللين الحسِن لكي يتذكَّر الطرف الآخر أو يخاف من عواقب أفعاله الضارة، ويكون الحوار لدفع سيئة أو ضرر مُبتعدين فيه عن الهراء من القول، وكان خير الناس نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) محاورًا متميزًا صادقًا، فكان يدعو للمحاورة بالحسنى والرفق، والدعوة باللين والكلمة الطيبة والتبسُّم في وجه أخيك، ونهى عن الغلظة والشدة في القول، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): “الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق الناس بها”، وكل هذا يدل على أن آداب الحوار ما هي إلا أخلاق مسلم يتعامل بها مع غيره.
ويجب أن يرجو المحاور أو الداعي إلى الله بالحوار أن تكون نيته خالصة لله (عز وجل)، ويرجو حقًّا إحقاق الحق وإبطال الباطل، وليس لشيء في نفسه مثل حب المناقشات بداعٍ ودون داعٍ وشهوة إظهار النفس، ويسأل نفسه ماذا يرجو من وراء هذا الحوار؟ وهل هو ضرورة أم تركه أفضل؟ لذا يجب أن ينوي كل مرة يدخل في حوار أن يُظهر الحق، ويسأل الله الإخلاص والتوفيق، ويتقبَّل النقد من الطرف الآخر، ويُراجع نفسه لو أخطأ، ولا يدخل الحوار وهو يرغب في السيطرة عليه بكلامه فقط، أو يرى نفسه المُحق فحسب، فقد قال الإمام الشافعي (رحمه الله): “وما ناظرت أحدًا إلا ولم أبالِ بيَّن الله الحق على لساني أو لسانه”.
وأن يُدرك المحاور اختلاف وجهات النظر بين الأشخاص ويتقبَّلها ويستمع لها، وذلك لأن الأفراد يختلفون في أفكارهم وميولهم وثقافاتهم، لذا عليهم تبادل الآراء دون خصومة، وقد قال يونس الصَّدفي: “ما رأيت أعقل مِن الشَّافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثمَّ افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثمَّ قال: يا أبا موسى، ألَا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتَّفق في مسألة”.
الفكرة من كتاب كيف تحاور؟
تعتمد طُرق تواصلنا مع الآخرين على الحوار، ولأن الإنسان خُلِق بالفطرة يريد التحدث ويريد من يستمع له، والله (عز وجل) لم يخلق الإنسان عبثًا، فرسَّخ في فطرته وأنزل بمنهجيته النبوية ماهية الحوار وطُرقه، لذا كان التحاور موضوعًا شائكًا يجب التطرُّق إليه بموضوعية والاطلاع على مميزاته وعيوبه، ومفهوم الحوار ذاته، إضافةً إلى آداب الحوار في الإسلام، وهو فن يجب على الإنسان معرفته وفهمه، وبخاصةٍ مسؤولي التحاور مثل المذيعين والدُعاة وغيرهم ممن يملكون مناقشات حوارية، وأيضًا تعلم آداب الحوار وفهمه يُخرج الإنسان من شاكلة الغرق بينه وبين الجدال والمناقشة لكي يصل به في النهاية إلى حوار لبق مقبول يُفهم منه حديثه ويفهم فيه الطرف الآخر في إيجاز وبيان.
مؤلف كتاب كيف تحاور؟
الدكتور طارق بن علي الحبيب: طبيب نفسي سعودي، ولد في محافظة عنيزة في منطقة القصيم، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود، ثم واصل دراساته العليا في الطب النفسي في أيرلندا وبريطانيا، وتتركز اهتماماته العلمية في علاج الاضطرابات الوجدانية وفي مهارات التعامل مع الضغوط النفسية وفي علاقة الدين بالصحة النفسية.
وهو بروفيسور، واستشاري الطب النفسي، والمشرف العام على مراكز “مطمئنة” الطبية، وبروفيسور واستشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية في جامعة الملك سعود في الرياض، ومستشار الطب النفسي للهيئة الصحية في إمارة أبوظبي.
وله كتب عديدة منها:
التربية الدينية في المجتمع السعودي.
الفصام.
مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي.
العلاج النفسي والعلاج بالقرآن.
الطب النفسي المبسَّط.
علمتني أمي.
نحو نفس مطمئنة واثقة.