كيف يتعامل المسلم مع خلاف الصحابة؟
كيف يتعامل المسلم مع خلاف الصحابة؟
بدايةً ينبغي التعامل مع الصحابة من منطلق أنهم بشر يخطئون ويصيبون، ومع نزع ثوب المعصومية عنهم لا كما يفعل الشيعة مع آل البيت من تأليه وعبادة لهم، غير أن هذه الاعتبارات تمكِّن المسلم من اتخاذ الموقف الصحيح المعتدل تجاه الصحابة وما حدث بينهم من خلافات، إذ إن منهج أهل السنة والجماعة في الخلاف الذي جرى بين الصحابة هو منهج تثبُّتي بالدرجة الأولى، ومحايد بالدرجة الثانية؛ فما هو بالمنهج المُغالى فيه المتعصب لكل قراراتهم تعصُّب أعمى، ولا هو بالمنهج المتحيِّز إلى طرف منهم على حساب الآخر، ولا هو بالمنهج السباب اللعان القائم على تكفيرهم والطعن في مروءتهم، ولا هو المنهج الذي يتخذ من خلافاتهم حجة لتبرير الفتنة والقتال بين المسلمين في كل صغيرة وكبيرة.
إنما هو المنهج المعتدل، الذي يقرُّ لهم فضل صحبتهم ونصرتهم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ودفاعهم عن دين الله، ويكفُّ عن الخوض فيما دار بينهم من دماء وقتال، ويتوقَّف عن الحكم والتألي على الله فيما يخص مصائرهم بهذا الخصوص؛ مع الالتزام بالترضِّي عليهم جميعًا قاتلهم ومقتولهم مخطئهم ومصيبهم، مؤكدين أن محاسنهم تشفع لزلاتهم وذنوبهم مغمورة بحسناتهم وحقهم محفوظ بنص القرآن والسنة وقدرهم عالٍ، فهم أهل الأمانة والتقوى.
وأن موقفنا منهم كموقف الشاعر لما قال:
دَعْ مَا جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي الْوَغَى
بِسُيُوفِهِمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ
فَقَتِيلُهُمْ مِنْهُمْ وَقَاتِلُهُمْ لَهُمْ
وَكِلَاهُمَا فِي الْحَشْرِ مَرْحُومَانِ
واللهُ يَوْمَ الْحَشْرِ يَنْزِعُ كُلَّمَا
تَحْوِي صُدُورُهُمُ مِنْ الأَضْغَانِ
الفكرة من كتاب حقبة من التاريخ
حظيت فترة الصحابة (رضوان الله عليهم) لا سيما بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحظ وافر من الأحداث المزلزلة والمنعطفات السياسية والصراعات المسلحة والمواجهات التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي من بعدها، ونتج عن هذه الفتن والملاحم تغيرات جذرية ظهر على أثرها حركات ومذاهب وجماعات ونحل وطوائف كان بعضها بمثابة دين نقيض وموازٍ يحاول الفتك بجسد هذه الأمة من داخلها، ومن بين أهم هذه الصراعات هو الصراع السني الشيعي الذي بدأ من “عبد الله بن سبأ اليهودي” إلى صورته المذهبية الأخيرة التي انتهى إليها ونعرفها اليوم باسم “الشيعة”، ولتكون على مقربة من تلك الأحداث ستجد في هذا الكتاب سردية تاريخية موضوعية لما حدث من فتن في ذاك الزمن وما نتج عنها، حاول المؤلف جاهدًا توضيح حيثياتها لرفع اللبس الحاصل في شأن ملابسات تلك الفترة، ولدرء التهم عن شخوص مجموعة كبيرة الصحابة (رضوان الله عليهم).