كيف بدأت الفتنة؟
كيف بدأت الفتنة؟
تختلف بعض المصنَّفات في تحديد فترة زمنية دقيقة في وقت الفتنة الفعلي هل كانت البداية بمقتل عثمان أم بمقتل علي أم أنها بدأت قبل ذلك بكثير منذ موت النبي (صلى الله عليه وسلم) وخلافة أبوبكر؟
وإذا ما أردنا أن نتكلم عن المنعطفات الفارقة منذ مبايعة أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) في السقيفة حتى مقتل عمر بن الخطاب غدرًا على يد أبو لؤلؤة المجوسي، يمكن القول إن المنعطف الحقيقي والفعلي في تاريخ المسلمين على صعيد تأثيره المذهبي والطائفي بدأ بالتثليب والتحريض ضد عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وتكفيره ومحاصرته وقتله بعد ذلك.
ومن الابتلاءات العظيمة التي ورثها علي (رضي الله عنه) بعد مقتل عثمان كخليفة، هو امتحانه ومطالبته الدائمة بالقصاص من قتلة عثمان، حتى إن هذه المطالبات تحوَّلت في بعض المراحل إلى انشقاقات كبيرة من رفض لمبايعته كأمير المؤمنين والخروج عليه وقتاله أيضًا كما حدث في واقعة الجمل ومع الخوارج، وإذا أمعنا النظر والبحث سنجد أن إرهاصات نشوء ما سيعرف فيما بعد بالدولة الأموية كان سببه مقتل عثمان وملفه الحاضر دائمًا في مطالبات بني أمية المتواصلة بالاقتصاص من قتلة عثمان، حتى أن هذا الطلب كان شرطًا معروضًا على الدوام في مقابل البيعة -بيعة بني أمية لعلي وابنه رضوان الله عليهم- ولم ينتهِ هذا المطلب إلا بدماء علي والحسين (رضوان الله عليهما).
ولهذا يمكننا القول إن بذور الفتنة بين الصحابة (رضوان الله عليهم) نبتت في الخفاء وعلى ضفاف الخلافات الجزئية البسيطة، ولكنها تفرَّعت واشتدَّ عودها بعد أن خرجت إلى السطح على شكل قتال صريح بدأ بالإطاحة بعثمان، وانتهى من خروج الولاية من آل البيت وأبناء علي وكل ما حدث من بعد ذلك لم يكن سوى نتائج وتمظهرات لهذا الصراع.
الفكرة من كتاب حقبة من التاريخ
حظيت فترة الصحابة (رضوان الله عليهم) لا سيما بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحظ وافر من الأحداث المزلزلة والمنعطفات السياسية والصراعات المسلحة والمواجهات التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي من بعدها، ونتج عن هذه الفتن والملاحم تغيرات جذرية ظهر على أثرها حركات ومذاهب وجماعات ونحل وطوائف كان بعضها بمثابة دين نقيض وموازٍ يحاول الفتك بجسد هذه الأمة من داخلها، ومن بين أهم هذه الصراعات هو الصراع السني الشيعي الذي بدأ من “عبد الله بن سبأ اليهودي” إلى صورته المذهبية الأخيرة التي انتهى إليها ونعرفها اليوم باسم “الشيعة”، ولتكون على مقربة من تلك الأحداث ستجد في هذا الكتاب سردية تاريخية موضوعية لما حدث من فتن في ذاك الزمن وما نتج عنها، حاول المؤلف جاهدًا توضيح حيثياتها لرفع اللبس الحاصل في شأن ملابسات تلك الفترة، ولدرء التهم عن شخوص مجموعة كبيرة الصحابة (رضوان الله عليهم).
مؤلف كتاب حقبة من التاريخ
عثمان بن محمد الخميس الناصري التميمي: كويتي الجنسية، حاصل على شهادة الماجستير في الحديث النبوي، كما حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تلقَّى التعليم الشرعي على يد الشيخ الراحل محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)، وشغل منصب موجِّه أول في وزارة الأوقاف، كما كان رئيس مدرسة ورثة الأنبياء، وخطيبًا وإمام مسجد ومحاضرًا جامعيًّا في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، ومن بين مؤلفاته: “من هو المهدي المنتظر”، و”شبهات وردود”، و”من القلب إلى القلب”، و”منهج الحق في العقيدة والأخلاق”.