التشويش على حقائق التاريخ
التشويش على حقائق التاريخ
في مقابل الروايات الصحيحة لا بد من روايات كاذبة أو مجتزئة أو مكذوبة، تغتال الحقيقة وتفتري عليها، وهذا واقع بكثرة في تاريخنا الإسلامي وبخاصة عندما يتعلَّق الأمر بالصراعات الإسلامية القديمة بين الصحابة، ولهؤلاء القوم أساليب تميِّز طرحهم متى ما تنبَّه لها القارئ استشفَّ من خلال رواياتهم كذبهم وتدليسهم.
ومن بين هذه الأساليب اجتهادهم في تأويلهم للأحداث تأويلًا باطلًا حتى يوافق أهواءهم، مستغلينه في دعم آرائهم للاستخفاف بعقول السذَّج والاتباع من حولهم، ومن أساليبهم الرخيصة أيضًا تعمُّدهم إبراز الأخطاء العابرة في السير وتضخيمها لإسقاط صاحبها والتنكيل به والتشكيك في دينه وأخلاقه حتى لو كانت مثالبه ومحاسنه في الحقيقة أضعاف هذه الأخطاء، لكنهم يتعمَّدون هذا الأسلوب الخسيس لتشويه الصورة من باب أن السيئة تعمُّ وتفسد.
ويعتبر أسلوب الزيادة أو النقصان في رواية تفاصيل الأحداث والمجريات من أبرز ما تتسم به أساليبهم، وذلك من أجل القفز على الحقائق وإخراجها من سياقها الحاصلة فيه أو بالزيادة عليها أو الإخلال بها بحذف الجزيئات التي لا تناسب أهواءهم وأحقادهم، وهذا من الكذب والغش والتدليس، ويجب على المطلع والقارئ من هذا الاعتبار أن يكون متيقظًا واعيًا لمثل هذه الأساليب التي قد ينخدع بها القارئ ويلبس عليه بها، ولتمرِّر من خلالها جملة من الأكاذيب التي قد لا يتنبَّه لها القارئ لتسهم مثل هذه التسريبات مع الزمن، ومن حيث لا يشعر في تكوين تصوُّرات خاطئة أو جهلًا مركبًا حول الواقعة أو الحدث يصعب عليه الانفكاك عن حمولته الفكرية فيما بعد.
الفكرة من كتاب حقبة من التاريخ
حظيت فترة الصحابة (رضوان الله عليهم) لا سيما بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحظ وافر من الأحداث المزلزلة والمنعطفات السياسية والصراعات المسلحة والمواجهات التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي من بعدها، ونتج عن هذه الفتن والملاحم تغيرات جذرية ظهر على أثرها حركات ومذاهب وجماعات ونحل وطوائف كان بعضها بمثابة دين نقيض وموازٍ يحاول الفتك بجسد هذه الأمة من داخلها، ومن بين أهم هذه الصراعات هو الصراع السني الشيعي الذي بدأ من “عبد الله بن سبأ اليهودي” إلى صورته المذهبية الأخيرة التي انتهى إليها ونعرفها اليوم باسم “الشيعة”، ولتكون على مقربة من تلك الأحداث ستجد في هذا الكتاب سردية تاريخية موضوعية لما حدث من فتن في ذاك الزمن وما نتج عنها، حاول المؤلف جاهدًا توضيح حيثياتها لرفع اللبس الحاصل في شأن ملابسات تلك الفترة، ولدرء التهم عن شخوص مجموعة كبيرة الصحابة (رضوان الله عليهم).
مؤلف كتاب حقبة من التاريخ
عثمان بن محمد الخميس الناصري التميمي: كويتي الجنسية، حاصل على شهادة الماجستير في الحديث النبوي، كما حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تلقَّى التعليم الشرعي على يد الشيخ الراحل محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)، وشغل منصب موجِّه أول في وزارة الأوقاف، كما كان رئيس مدرسة ورثة الأنبياء، وخطيبًا وإمام مسجد ومحاضرًا جامعيًّا في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، ومن بين مؤلفاته: “من هو المهدي المنتظر”، و”شبهات وردود”، و”من القلب إلى القلب”، و”منهج الحق في العقيدة والأخلاق”.