ظاهرة سطوة القرآن وسر هيبته
ظاهرة سطوة القرآن وسر هيبته
لعلَّك لاحظت تلك الظاهرة التي تُدعى “سطوة القرآن”، والسطوة هي كلمة أصلها يدل على القهر والعلو، وهي التي تطغى عندما يسري صوت قارئ القرآن في الغرفة فيخيِّم الهدوء والسكينة، حين تكون منهمكًا في أمرٍ ما وإذا بصوت القرآن يأتي من هاتفك المحمول أو الإذاعة ويعمُّ الهدوء فجأة، وحين يخاطبك أحدهم في مشكلةٍ ما فترد عليه بعبارات العقل، وإذا به يزداد جدلًا لكن حينما تخاطبه بآيةٍ من القرآن تناسب موقفه فإذا بانفعاله يتوقَّف وكأنه قد رضي بما أقرَّه عليه.
وربما تتفاجأ حين تعلم أن أول أسباب إقبال الغربيين على الإسلام، هو الشعور الغريب الذي استحوذ عليهم عندما سمعوا القرآن، وتلك معجزة سطوة القرآن، ولعلَّنا نتذكَّر هنا لما أذن النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، وكان أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) يريد الهجرة إلى الحبشة فلقيه مالك بن الحارث -سيد قبيلة القارة- الذي تعهَّد بحمايته في مكة، فلما كان أبو بكر يصلي في فناء داره ويقرأ القرآن فإذا بنِساء المشركين وأبنائهم يتجمَّعون وينظرون إليه بتعجُّبٍ وفزع.
وبالطبع أنت تعلم ذلك التأثير المُضاعف للقرآن حين يُقرأ في لحظات الليل وسكونه، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل”، بل ووصل الأمر إلى الملائكة لما كان الصحابي أسيد بن حضير يقرأ القرآن ليلًا ورأى في السماء شيئًا يشبه الظلة التي فيها مصابيح، فقال له رسول الله: “تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم”.
الفكرة من كتاب الطريق إلى القرآن
حين تمر أعوام المرء عليه يجد نفسه قد تعلَّق بالدنيا وغفل عن كل أساسٍ بناه الإسلام والقرآن، قد يُصلِّي ويقوم بعباداته ولكن دون الخيط الذي خُصِّص هذا الكتاب بأكمله لأجله، وهو أن كل شيء وكل حدثٍ مرتبط بالله (عز وجل)، وقد لجأ المسلم إلى الحياة المنطقية التي ابتعدت كل البعد عن الثقة في تدبير الله والضمان الإلهي، وخصوصًا فيما يتعلق بأمور الرزق والوظيفة والحياة عمومًا، ولم يكن القرآن أبدًا بعيدًا عن النهضة والحضارة كما يدَّعي البعض.
مؤلف كتاب الطريق إلى القرآن
إبراهيم السكران: هو باحث ومفكر إسلامي، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما نال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا، ومن أهم مؤلفاته:
رقائق القرآن.
الماجريات.
سلطة الثقافة الغالبة.