قراءة التاريخ: عبادة وفهم
قراءة التاريخ: عبادة وفهم
كثيرًا ما يتردَّد على أسماعنا قولهم: افهموا الماضي واقرؤوا التاريخ لكي تفهموا الحاضر وتحسِّنوا الواقع، بل ويعدُّه الكاتب هنا شرطًا لفهم الحاضر، إلا أن قراءة الماضي وحدها قد تعدُّ ناقصة لفهم مجريات الحاضر، فقد نفهم الماضي على نحو جيد، إلا أن إسقاطه وفهم مجريات الواقع بناءً عليه يحتاج إلى إلمام بتفاصيل الواقع ومقابلة بينهما لتتمَّ الاستفادة الكاملة، حسنًا إذًا، لماذا يحظى هذا الأمر بكل هذه الأهمية؟
تخيَّل نفسك داخل غرفة، ومحاطًا بأربعة جدران، هل ستتمكَّن من الحركة فيها بغير مصدر ولو بسيط للنور؟ هكذا هي قراءة الماضي أو التاريخ، يبصرك ويفتح عينيك على بدايات الأشياء والفتيل الذي أشعل الأحداث، وعلى أسباب التطورات، ومنشأ الاختلافات، وأصل المآلات التي وصلنا إليها اليوم، إذ إن دراسة تحركات الناس في إطار معين من الزمان والمكان وتحت سطوة العادات أو التقاليد أو الأنظمة له تأثير في الفهم، بل وفي التحكُّم في الواقع المعيش اليوم، فالتطوُّرات التاريخية والنقلات لا تحدث بين ليلة وضحاها، وإنما هي سلسلة من التحرُّكات والأنشطة على مدار السنين تؤدي في النهاية إلى صناعة حدث في التاريخ.
من الأمثلة التي يذكرها الكاتب هنا: السبب وراء انتشار المذهب المالكي في دول المغرب العربي مثلًا، ويرجع ذلك إلى أن الإمام مالك حين زاره وفد منها وهو بالمدينة، وأثنوا على أميرهم أثنى الإمام مالك عليه تبعًا، فلما عادوا إلى بلادهم أمر الأمير بتدريس مذهب الإمام مالك سرورًا بما قاله، وبذلك انتشر علم الإمام مالك في المغرب العربي!
إذًا علينا أن نعود إلى التاريخ، قراءةً وفحصًا وتأملًا واستنتاجًا، وأن نعلمه لطلابنا في شتى العلوم المختلفة، فمن المهم أن يعرفوا منشأها ومراحل تطورها وأبرز المساهمين فيها، وعلينا أن نحذر أيضًا، فعملية القراءة والبحث في التاريخ عملية معقدة وصعبة، وتحتاج إلى بذل مجهود، وإلى عين ناقدة، وإلى صدق في طلب الحق، ويكفينا أن ذلك يعدُّ مما أمر الله به في السير في الأرض والبحث في أسرار الخلق ومجريات الزمان وأفعال الله في الكون.
الفكرة من كتاب هي هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا
ثلاثون سنة من سنن الله في خلقه وكونه، تساعدنا على فهم ما يجري من حولنا، فبعض الحوادث تقع ولا نعلم لها سببًا فنقع في حيرة ودهشة، وقد نتهم الله في فعله، وذلك كله من الجهل بما دبَّره الله وهيَّأه لهذا الكون وهذا الخلق من نواميس يجري وفقها، وهذا الكتاب يساعدنا على فهم بعضها.
مؤلف كتاب هي هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار، سوري الجنسية، بدأ مسيرته الأكاديمية في جامعة الإمام محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية، ثم إلى جامعة الملك خالد في أبها، وتفرغ بعدها للتأليف والعمل الدعوي، لاقت مؤلفاته القبول والرواج من فئات مختلفة عديدة، ومنها:
فصول في التفكير الموضوعي.
نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي.
مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي.