الخلل من داخلك
الخلل من داخلك
هذه السُّنَّة التي نحن بصدد الحديث عنها فَهمها سيحلُّ كثيرًا من المشاكل النفسية والشعور بالاستهداف، وأننا ضحايا في كثير من القضايا، سيحلُّ مشكلتنا مع الغرب ومشكلتنا مع أصدقائنا ربما عائلاتنا وزملائنا في العمل، وتخبرنا هذه السُّنَّة أنه لا يمكن للعوامل الخارجية أن تؤثِّر في المحل المُتعرِض لها إلا إذا سمح لها ذلك المحل بالتأثير، وبأن تغلب عوامله الداخلية الأصلية المؤثرة فيه والمكوِّنة له، فالعوامل الداخلية هي الأساس والخارجية طارئة عليها وتأثيرها محدود طالما بقيت في إطار حدودها الخارجية.
يذكر الكاتب هنا قولًا للصحابي الجليل خالد بن الوليد (رضي الله عنه)، ففي إحدى معاركه مع الروم والتي فاق الروم فيها جيشه في العدة والعتاد نظر الجند إلى هذا العامل الخارجي، ويبدو أنهم سمحوا له بأن يؤثر فيهم، لكن خالدًا نظر إلى عوامله الداخلية التي يمتلكها وكان منشغلًا بها لأنها هي صاحبة التأثير الأكبر فقال: “ليت الأشقر يُشفى من مرضه ويُضعف الروم في العدد”، والأشقر هو جواده، وهو بهذا يلخِّص معظم حالنا مع الغرب!
نعم الغرب يفوقنا في أمور كثيرة ويسبقنا في مجالات عدة ويحاربنا بما توصَّل إليه لكن ما السبب الحقيقي؟
الغرب يعمل ويأخذ بسنن العمل والتمكين، ونحن نحتجُّ بتآمره واجتماعه علينا، ولا ننظر إلى ضعفنا نحن وتخاذلنا، نعم تآمره جزء من المشكلة لكنه ليس السبب الأوحد فيها، نحن حصرنا تأخُّرنا في ذلك وحده وكأن الغرب هو الشماعة التي دائمًا ما نعلق عليها تأخُّرنا وضعفنا وتكاسلنا، وفي حين أن العالم كله يتحرَّك ليتغلَّب على ضعفه وتأخُّره بقينا نحن نشاهد ونشتكي، وبالتالي ما نحن فيه هو أمر طبيعي موافق لردود أفعالنا تجاه الواقع الحالي، لقد نسينا أننا كنا يومَ نأخذ بزمام الأسباب لم نكن نسمح بتأثير من الخارج، بل كنا نحن المؤثرين في الخارج، كنا أقوياء من الداخل وكانوا ضعفاء من داخلهم أيضًا، وهذه أيضًا سنَّة من سنن الدنيا، يومُ تمكين ويومُ استضعاف، وهكذا دواليك، وسيظل الصراع قائمًا.
نحن إن توقَّفنا على التعلُّم والإنتاج والحركة والإبداع سنبحث عمَّن نستورد منه، سنتحوَّل إلى مستهلكين لا منتجين، وسنضع أنفسنا تحت رحمة المنتج وقواعده، وهذا أمر طبيعي وحاصل، إننا نحن من نسيء لأنفسنا بالدرجة الأولى، والعدو يستغل هذا وينفُذ من خلاله، فقد وجد بيئة خصبة يتكاثر فيها، فإن هذا أخطر ما تفعله الأمم بنفسها؛ أن تكون هي منشأ الضعف، فتسمح لأمم أخرى وإن كانت صغيرة حقيرة لا تزن في ميزان التاريخ شيئًا أن تؤثر فيها وتعلوها!
الفكرة من كتاب هي هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا
ثلاثون سنة من سنن الله في خلقه وكونه، تساعدنا على فهم ما يجري من حولنا، فبعض الحوادث تقع ولا نعلم لها سببًا فنقع في حيرة ودهشة، وقد نتهم الله في فعله، وذلك كله من الجهل بما دبَّره الله وهيَّأه لهذا الكون وهذا الخلق من نواميس يجري وفقها، وهذا الكتاب يساعدنا على فهم بعضها.
مؤلف كتاب هي هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار، سوري الجنسية، بدأ مسيرته الأكاديمية في جامعة الإمام محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية، ثم إلى جامعة الملك خالد في أبها، وتفرغ بعدها للتأليف والعمل الدعوي، لاقت مؤلفاته القبول والرواج من فئات مختلفة عديدة، ومنها:
فصول في التفكير الموضوعي.
نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي.
مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي.