الصلاة بين المثال والواقع
الصلاة بين المثال والواقع
إن الصلاة عماد الدين وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادة، أداؤها فرض على كل بالغ عاقل ولا يعارض في فرضيتها وثوابها عاقل، ويؤدي الصلاة عدد كبير من المسلمين، بعضهم بانتظام وخشوع وعلى أوقاتها، وبعضهم غير ذلك يجمعون الفروض أو يصلونها كنقر الغراب بلا خشوع، وبعضهم لا يصلي أبدًا، وقد سَوَّد العلماء الصفحاتِ في مقاصد الصلاة وفضلها، لكن أغلبها مقاصد آجلة لا ترتبط بشكل مباشر بما يمكن استغلاله من مقاصد الصلاة الدنيوية العديدة، فعلى الرغم من الصعود الملحوظ لأعداد المساجد وعامريها، فإن هذه الزيادة الكمية لا تنعكس بالقدر الكافي على المجتمع الذي يضم هؤلاء المصلين، فتنتشر بينهم الآفات المجتمعية والذنوب والآثام كأن هناك جدارًا فاصلًا بين المساجد وباقي المجتمع.
هذا الفصل يرجع إلى كون الصلاة أصبحت عادة تُؤدَّى بناءً على كثير من الفهم المغلوط لمقاصدها، فالصلاة وإن كانت كفارة للذنوب فهي لن تكفِّر عن الإنسان الذنوب التي يرتكبها قاصدًا لا سهوًا، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وفرض الصلاة لا يجب التعامل معه على أنه شيء يجب الاستراحة منها بأي شكل؛ خوفًا من عاقبة تركها فهي ليست حركات مرتبة يتم أداؤها وحسب دون أن يكون لها مردود روحاني يصاحب الخروج منها، ولا من المفترض أن يكون أداء الصلاة للتخلُّص من الألم المصاحب لتركها كأي عادة يواظب الإنسان على فعلها، فإن هذه الراحة النفسية ليست المقصود الأول لعبادة تستلزم المشقَّة من الأساس، وهي كذلك تفضي في النهاية إلى تكامل المقاصد الأساسية للدين.
كل هذه الأفهام الخاطئة تشكِّل عامل طرد يصد عن الصلاة، فبمقارنة بسيطة بين واقع المصلين وما يُقَالُ عن أثر الصلاة المفروض حدوثه يتسرَّب الشك في جدواها وفي كونها غير ضرورية ويمكن الاستغناء عنها إذا كانت لا تؤتي أُكُلَها!
الفكرة من كتاب المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم
“كان من المؤلم جدًّا أن الناس لا يصلون.. ولكنه كان من المؤلم أكثر، أنهم إذا صلوا، ربما لا يتغيرون..”!
يهدف الكاتب في هذا الكتاب إلى توضيح دور الصلاة ليس فقط لكونها شعيرة أساسية للدين، وإنما تمتد لتشمل حياة الفرد المسلم كلها، والتي إذا تم تطبيقها كما شرعها الله (عز وجل) فإنها سوف تحدث تغييرًا شاملًا في حياة الفرد والأمة.
مؤلف كتاب المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم
الدكتور أحمد خيري العمري: طبيب أسنان عراقي المولد، صدر له العديد من المؤلفات التي تقدم رؤية جديدة تتجاوز الجمود السائد وتتحفَّظ ضد التجديد المنحل، ومن أهمها: “البوصلة القرآنية”، و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة”، وسلسلة “كيمياء الصلاة”، بالإضافة إلى بعض الأعمال الروائية مثل “كريسماس في مكة”، و”بيت خالتي”.