عن الخوف
عن الخوف
الخوف هو “انفعال أساسي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمحافظة على البقاء”، فالرضيع حين يجوع يأخذ بالصراخ والتحرُّك بعشوائية طلبًا للغذاء، وحين نتألم فإننا نخاف من تكرار التجربة التي سبَّبت لنا الألم، لذا فليس كل الخوف مُضرًّا، بل بعضه ضروري للغاية، لذا ندفع أطفالنا للحذر مما يضرهم، بينما نحثهم على الشجاعة فيما دون ذلك، فإن الخوف والشجاعة كلاهما في نهاية الأمر جزء منا.
أما القلق فهو توقُّع الخوف، وهو أشد خطورة من الخوف العادي، إذ إن منبعه نفس الطفل لا المؤثرات الخارجية، وعادةً ما ينشأ من تجربة واقعية مر بها الطفل ويخشى تكرارها، فالطفل الذي هاجمه كلب مسعور بكل تأكيد يخاف الكلاب، وتكرار تعرض الطفل لمواقف تصعب عليه مواجهتها قد يسبب له قلقًا مزمنًا، وما يبدو صغيرًا في أعيننا فإنه ضخم وهائل في أعين صغارنا، لذا قد لا نتوقَّع ما يشعرهم بالخوف والفزع، كما أن بعض المخاوف تنشأ بلا أساس، ويكون منشؤها أوهام الطفل وخيالاته، فهو يتوهَّم أن اللصوص يتربَّصون بهم كل ليلة، ويتحوَّل الخوف الطبيعي إلى قلق متواصل، ما يعوق النمو الصحي للطفل إذ يُحجِم، ويتراجع، وتضعف شخصيته.
وقد يكون القلق مستعارًا، أي إذا كانت الأم شديدة القلق على طفلها، وتخشى أنه لن يستطيع مواجهة مشكلاته، فإن ذلك القلق ينتقل إلى الطفل مباشرةً، ويشعر بأن والدته لا تثق بقدراته فيفقد الثقة في نفسه.
ولكي نقي أطفالنا ذلك يجب أن نغمرهم من البداية بالحب والرعاية، فمن المهم أن يطمئن الطفل إلى أن هناك من يرعاه ويسانده دومًا، والاستجابة لحاجات الطفل في شهوره الأولى من أكبر ما ينشئه مطمئنًّا وأكثر قدرة على تجاوز مخاوفه، أما الطفل الذي يعاني القسوة في تلك السن، فغالبًا ما ينشأ والخوف ملازم له.
الفكرة من كتاب مخاوف الأطفال
إن أغلب الاضطرابات النفسية قد يكون مردُّها إلى فقدان الطفل الشعور بالأمن، وليس ذلك في الأطفال وحسب، بل وحتى اضطرابات البالغين، وقد نقلِّل من شأن مخاوف الأطفال لصغرها في أعيننا، وقد نمر بأزمة كبيرة ونتجاهل الطفل ظنًّا منا أنه لا يفهم ما يحدث، وقد نسعد بهدوء الطفل دون أن نعلم أن من خلف ذلك الهدوء شبحًا كامنًا في أعماقه.
الخوف من فقد الحب، ومن الوحدة، ومن الظلام، ومن النمو والنضج، وقد لا تتصوَّر أنهم يخافون من أول يوم لهم في هذا العالم، ويكبرون وتكبر مخاوفهم، وما لم يتم احتواؤها فإنها تصبح عائقًا أمام نموِّهم العاطفي والعقلي وحتى الجسدي بشكل صحي، فالتحرُّر من المخاوف هو ما يدفع الطفل لاكتشاف قدراته وتجربتها، فينمو بشكل صحي، فكيف نحمي أطفالنا من الخوف، ليكبروا بنفوس آمنة مطمئنة؟
مؤلف كتاب مخاوف الأطفال
هيلين روس: مارست العلاج النفسي وكانت تدير معهدًا للتحليل النفسي في أمريكا.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد محمد خيري: حاصل على الدكتوراه في علم النفس، ورئيس سابق لقسم الدراسات النفسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ثم عميدًا للكلية، وهو صاحب كتاب “الإحصاء النفسي”.