مسلمات النظرة العلمية للسلوك
مسلمات النظرة العلمية للسلوك
ينطلق علم النفس من مُسلَّمات أولها أن موضوعاته قابلة للتفسير، فيهدف إلى قانون يصف بدقة العلاقة بين ظاهرة ما والشروط المحددة لها مثل دراسة الشروط التي تجعل الإنسان مبدعًا، والمُسلَّمة الثانية هي أسلوب المعرفة، فيستعمل منهجين أساسيين في ملاحظة تصرفات الإنسان: التجربة العلمية، والقياس، والمنهج الارتباطي، فالتجربة مثل أن يختبر الباحث الفرضية القائلة إن المرأة شديد التقلب الوجداني عبر تعريض مجموعة من النسوة لمحِفّزات مثيرة للتقلُّب الوجداني مقابل مجموعة مماثلة من الذكور؛ فينتهي إلى صحة ذلك التصور، تتكوَّن التجربة من ثلاثة عناصر: وجود ظاهرة، والتغيير المنظم في المتغير المستقل، وضبط المتغيرات، فتبدأ التجربة بمحاولة اكتشاف العلاقة بين الظاهرة والمتغيرات؛ أيها السبب وأيها النتيجة؟ فالمتغير الذي يُراد معرفة تأثيره هو المتغير المستقل والاستجابة الناشئة عنه هو المتغير التابع، ويتم إحداث تغيرات كمية في المتغير المستقل وتعقب مدى تأثيره في المتغير التابع (السلوك)، وبذلك يمكن تحديد العلاقة بينهما، ومثال ذلك أن العلاقة بين الدافع والنجاح علاقة منحنية وليست مستقيمة؛ فانخفاض الدافع لا يحقِّق النجاح المطلوب ولكن ارتفاعه لدرجة كبيرة جدًّا يورث توترًا يعوق عملية النجاح.
ويجب ضبط المتغيرات، أي استبعاد أي عوامل أخرى غير المتغير المستقل، ويتم ذلك بتعريض مجموعة للمتغير المستقل وتسمى الجماعة التجريبية، وحجبه عن مجموعة أخرى هي الجماعة الضابطة، وحدوث أي تغير في المجموعة الأولى دون الثانية إنما يرجع إلى وجود المتغير المستقل، ويصعب ذلك عمليًّا فيلجأ المجرب إلى طريقة أخرى كالمقارنة بين سلوك المجموعة الواحدة قبل وبعد التعرُّض للمتغيِّر المستقل.
يعمل المنهج الارتباطي على تحديد العلاقات بين الظواهر بغض النظر عن أيها السبب وأيها النتيجة مثل وجود تلازم بين التحصيل والنجاح، دون الجزم بأن التحصيل نتيجة للرغبة في النجاح أم العكس. ويقوم على القياس الذي يُشترَط له الصدق بحيث يقيس ما وُضع لقياسه فعلًا وثبات النتائج عند إعادة تطبيقه وأن تكون إجاباته موضوعية وواضحة الدلالة، ويعتمد المنهج الارتباطي على أداة إحصائية تُسمى “معامل الارتباط”.
الفكرة من كتاب الإنسان وعلم النفس
إنَّ ما نعرفه عن الإنسان أقل بكثير مما نعرفه عن العالم المادي، وكم من رجل يستطيع قيادة سيارته بسهولة ولكن ليس له حظ في قيادة ذاته وتقييم تصرفاته، ورغم ذلك باتت بحوث علم النفس تقدِّم اقتراحات لتحسين مستوى الحياة والتعامل مع مشكلات البيئة والمجتمع، وما اجتمع لعالم النفس اليوم يجعله قادرًا على أن يقدم مشورته في كل مجالات الحياة تقريبًا، وأن يعطي استبصارات يمكن توظيفها لخدمة الإنسان في بنائه النفسي والصحي وعلاقاته بالآخرين، ويقدم العالم الجليل الدكتور عبد الستار إبراهيم إطلالة عامة على المراحل التاريخية التي مر بها علم النفس وكيف يتم إنتاج العلم داخل حقل علم النفس الحديث، وتقاطعات أبحاثه مع أطوار الإنسان العمرية المتواترة والمشاكل التي تعترض كل مرحلة، وعلاقته مع البيئة والمكان والمجتمع.
مؤلف كتاب الإنسان وعلم النفس
الدكتور عبد الستار إبراهيم: ولد بالأقصر عام ١٩٣٩، وتخرج في قسم علم النفس جامعة عين شمس، وحاز الدكتوراه من جامعة القاهرة، وعمل زميلًا زائرًا بجامعة ميشيغان بأمريكا، ومستشارًا نفسيًّا لعدد من العيادات النفسية في مصر والولايات المتحدة، ويعمل حاليًّا أستاذًا بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وله بحوث منشورة في عدد من المجلات العربية والأجنبية، وله مؤلفات منها:
– علم النفس الإكلينيكي في ميدان الطب النفسي.
– السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة.