لماذا يَصعُب فهم الاكتئاب؟
لماذا يَصعُب فهم الاكتئاب؟
الاكتئاب خفي وغامض ولا يقارن بالشعور بالحزن، ويمكن أن يُصيب العديد من الأشخاص من أصحاب الملايين، أو الذين يحظون بزواج ناجح، ولذا يعدُّ الاكتئاب لغزًا، لأنه ليس محددًا من يمكن أن يُصاب به، ومتى تتم الإصابة به؟ والغريب في أمر الاكتئاب هو أنه رغم تزايد الأفكار الانتحارية في عقلك، فإن خوفك من الموت يظل كما هو، الفرق الوحيد أن ألم الحياة يتضاعف عند المكتئب بشكل سريع، وذكر الكاتب قصته مع الانتحار حيث ذهب إلى حافة أحد المنحدرات، وتراجع في اللحظة الأخيرة خوفًا مما سيحدث إن أصبح مشلولًا وعالقًا دون حركة إلى الأبد، ولم يمت، ولهذا قرر الاستمرار في الحياة.
إن كنت تعتقد أن المكتئب يريد أن يصبح سعيدًا فأنت مخطئ، لأن المكتئب لا يملك الرفاهية الكافية للتفكير في السعادة، فهو يريد التخلص من الألم فحسب، وفي أسوأ حالات الاكتئاب يتمنى الشخص التعرض لأي ألم جسدي لتخفيف الألم النفسي، وأخبرنا الكاتب تجربته مع الأدوية المضادة للاكتئاب وقال إنها لم تحقق معه أي نتيجة تُذكَر، وهو بذلك لا يشجع الناس على عدم تناول الأدوية لأن كثيرًا من المرضى يحظون بنتائج مُرضية، ولكن في حالته هو لم يحب تناول الدواء وفضَّل المشي ومشاهدة شروق الشمس وممارسة التأمل والتعرف على ذاته.
يعد الانتحار بسبب الاكتئاب سببًا رئيسًا للوفاة، فهو يشكل نسبة تتجاوز 1% حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، ولهذا يعدُّ الاكتئاب أحد أكثر الأمراض خطورة على سطح الأرض، فهو يقتل أشخاصًا أكثر مما تقتلهم الحرب والسلاح والسرطان، ورغم كل ذلك فلا يعتقد البشر أن الاكتئاب سيئ إلى هذه الدرجة، ولكي نقوم باحتواء الاكتئاب وفهمه يجب أن ندرك كونه مرضًا خطيرًا، وأنه ليس هناك حبوب سحرية بإمكانها علاجه، لأن من الصعب تجاوز ردود الفعل القادمة من العقل والجسد، والأفضل تتبُّع المزاج للوصول إلى الأشياء المسببة للمزاج السيئ، فنحن بحاجة إلى معرفة أكثر بالمزاج والوعي بالأدوات التي يمكنها تفسير حالات المزاج السيئ، وعلينا فهم الطريقة التي نفكر بها وكيف تدور الأحداث من حولنا وحالة أجسادنا.
الفكرة من كتاب أسباب للبقاء حيًّا
الاكتئاب خفي وغامض، كأن تسير بين الناس برأس محترق، ولكن لا أحد يرى النيران وهي تلتهِمك، لذا من السهل أن تشعر بِوصمته، وتعد وصمة الاكتئاب من أقسى الأشياء لأنه مرض الأفكار، ويختلف الاكتئاب من شخص إلى آخر، لأن الألم الناتج عنه يصلنا بدرجات مختلفة ومتفاوتة، وقد وضح المؤلف بين صفحات هذا الكتاب معاناته مع الاكتئاب وكيف تجاوزه، راغبًا بتقديم المساعدة لجميع المكتئبين، لأن الاكتئاب يفقدك لذَّة الحياة، وهذا الكتاب هو الدليل الحيُّ على أن الاكتئاب يكذب ويجعلك تؤمن بأشياء لا وجود لها، كما رغب المؤلف بجعلِنا نؤمن بأن أقدم الكليشيهات التي تقول إن الوقت يشفي الجروح، والضوء ينتظر العابرين في نهاية النفق، وأن الكلمات بإمكانها أن تهبك الحرية، تعطي مفعولًا سحريًا، ولذا عزيزي المكتئب لن تعود مكتئبًا بعد قراءتك هذا الكتاب.
مؤلف كتاب أسباب للبقاء حيًّا
مات هيغ : كاتب روائي وصحفي بريطاني وُلد عام 1975، درس اللغة الإنجليزية والتاريخ وتخرج في جامعة هال، ويُعدُّ من أهم الداعمين للاهتمام بالثقافة النفسية حول العالم، كتب العديد من الكتب والروايات وكتب الأطفال، تمت ترجمة مؤلفاته إلى أربعين لغة، وفاز بالعديد من الجوائز، وحاليًّا يتم العمل على تحويل رواياته إلى أفلام سينمائية، ومن أهم أعماله: “ملاحظات حول كوكب متوتر”، و”كيف تُوقِف الزمن؟”، و”العائلة الأخيرة في إنجلترا”، و”نادي الآباء الموتى”.
معلومات عن المترجم:
محمد الضبع: مترجم وشاعر يمني، وُلد عام 1991 في جدة، وأنجز العديد من الترجمات الأدبية المتميزة، كان يقوم بنشرها على مدوَّنته “معطف فوق سرير العالم”، وأصدر عددًا من الكتب المترجمة، ومن أهم ترجماته: “سنة القراءة الخطرة”، و”اخرج في موعد مع فتاة تحب القراءة”، و”المدينة الوحيدة (مغامرات في فن البقاء وحيدًا)”، و”رقصة القمر مع آينشْتاين (فن وعلم تذكر كل شيء)”.