صغار قوم أوشكوا أن يكونوا كبارهم
صغار قوم أوشكوا أن يكونوا كبارهم
في مجتمعنا اليوم نجد التعامل مع الأطفال والمراهقين فيه تقليل شديد من شأنهم وتجاهل، فنخرجهم من مجالس الكبار، ويؤخَّرون عن الصفوف في المساجد، ولا يُمنحون الفرصة لإبداء آرائهم أو يُستشارون حتى فيما يخصهم هم أنفسهم، بينما الصواب أن يُعوَّد الطفل المشاركة والجرأة في الحق، والثقة في الحديث لنؤهله للرجولة، وقد كان عمرو بن العاص (رضي الله عنه) قد مرَّ على مجلس لقريش فقال لهم: “ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا، أوسعوا لهم في المجلس وأسمعوهم الحديث، وأفهموهم إياه، فإنهم صغار قوم أوشك أن يكونوا كبار قوم”، وكان ابن شهاب الزهري يحفِّز الصغار فيقول لهم: “لا تحقِّروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدة عقولهم”.
وكذا مع الحديث المعروف عن استئذان النبي عبد الله بن عباس -وكان بعد غلامًا- في أن يقدم المشايخ عليه في الشرب فرفض عبد الله قائلًا: “لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا”، فنزل الرسول (ﷺ) على ما قال الغلام ولم يزجره، ولما كان عمر بن عبد العزيز قد وُلِّيَ الخلافة وجاءه وفد من الحجاز يهنئه، فتقدمهم غلام ليتحدث، فقال عمر: “لينطق من هو أسن منك، فقال الغلام: أصلح الله أمير المؤمنين إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا منح الله عبدًا لسانًا لافظًا، وقلبًا حافظًا، استحق الكلام وعَرَف فضله من سمع خطابه، ولو أن الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان في الأمة من هو أحق بمجلسك منك.
فقال عمر: صدقت قل ما بدا لك”، فتحدث وحسن حديثه حتى طلب منه أمير المؤمنين أن يعظه فأبلغ في الوعظ، وكان ابن إحدى عشرة سنة فقط، فأثنى عليه عمر ودعا له.
الفكرة من كتاب مهارات التواصل مع الأولاد..كيف تكسب ولدك؟
في الوقت الحالي لم نعد نحن وحدنا من نربي أولادنا، وقد اتسعت الفجوة بين الآباء والأبناء بشكل ينذر بالخطر، وليس من سبيل لسدِّها إلا من خلال التواصل بين الأبوين وأبنائهما، وتلك المهارة إذ نجتهد لاكتسابها فإنما هي قُربة تقرِّبنا إلى الله بما تعيننا به من صلاح أبنائنا وصلاح تربيتهم، والتواصل مع الأبناء هو وصل معنوي وحسي يشمل معاني العطف والبر والرحمة والرفق، ويشمل اللمسات الحانية، كما يشمل حتى وصلهم بالمال، ومن أضداد الوصل الهجر، لذا كانت الأبوة دورًا لا يمكن بحال أن يُؤدَّى غيابيًّا أو أن ينوب فيه أحد، بل يكون الأب حاضرًا بشخصه بين أبنائه وبناته أطول وقت ممكن.
مؤلف كتاب مهارات التواصل مع الأولاد..كيف تكسب ولدك؟
خالد بن سعود الحليبي: شاعر وأديب وأستاذ جامعي سابقًا، إضافةً إلى عمله في الاستشارات الأسرية، ولد في الأحساء بالسعودية عام 1964م، وحصل على بكالوريوس في اللغة العربيَّة من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ونال درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب الحديث، ثم حصل على دبلوم عالٍ في الإرشاد النفسي والأسري من كليَّة المعلمين، عمل بالتدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، شغل منصب المدير التنفيذي لبيت الخبرة للتنمية الأسرية، وهو مشرف عام موقع المستشار بالدمام، وعضو مركز التنمية الأسرية بالأحساء.
له عدد من المؤلفات منها:
قلبي بين يديك (ديوان شعر).
أبو فراس الحمداني في رومياته.
العنف الأسري: (أسبابه ومظاهره وآثاره وعلاجه).
جلسات تسع ذي الحجة.