الأمل ومفارقة التقدم
الأمل ومفارقة التقدم
الأمل هو الدافع في اتجاه شيء ما، نعتبره ذا قيمة ويوصف أحيانًا بالغاية، ومن دونه نصبح مقتنعين بأننا لا شيء. وتحدث الكاتب عن قصة شخص يُسمي بيلينسكي، كان واحدًا من أبطال الحرب في بولونيا، تسلل إلى معسكر من أخطر المعسكرات ألا وهو أوشفيتز، ونجح بذلك نجاحًا باهرًا، وهذه القصة وغيرها، تُثير الإلهام في نفوسنا، وتمنحنا الأمل، وتجعلنا نقول لأنفسنا كانت الأمور أشد سوءًا بكثير لكن ذلك الرجل فعلها، ولذا أنا قادر على فعلها. وعند إمعان التفكير نجد أن أبطالًا مثل بيلينسكي ينقذون العالم، في حين أننا ننصرف عن مشكلاتنا الكبرى، ونتذمر بأن مكيف الهواء لا يعمل جيدًا.
إننا نعيش زمنًا لا يجعلنا بحاجة إلى رخاء أو سِلم، فنحن بالفعل نمتلك كل ذلك، ولكن نحن بحاجة إلى شيء أهم من كل ذلك وهو الأمل، تركيبتنا النفسية تحتاج إلى الأمل كي تستطيع مواصلة الحياة مثل السمكة التي تحتاج إلى الماء، ومن غير أمل يتوقف جهازك العقلي، لأننا إن لم نؤمن بوجود أمل فإننا نموت من الناحية الروحية. والحقيقة أن انعدام الأمل يُسبب القلق، والمرض العقلي، والاكتئاب، ولذا يحاول العقل دائمًا محاولات اضطرارية يائسة لخلق أمل ما، وكلما تحسنت الأمور، بدأ الناس يصيرون أشد قلقًا، وأكثر يأسًا، وهذا ينطبق على الأمل، فنحن أكثر الشعوب أمانًا ورخاءً في تاريخ البشرية، لكننا نشعر بمزيد من انعدام الأمل مقارنة بأي وقت مضى، فكلما حصلنا على أشياء أفضل، بدونا أكثر يأسًا، وهذه هي مفارقة التقدم، ولذا فإن النجاح أقل استقرارًا من الفشل، فكلما كسبت كثيرًا فإنك تخسر كثيرًا، وكلما زادت خسارتك صارت المحافظة على الأمل أكثر صعوبة.
عندما يتحدث كثير من الناس عن حاجتهم إلى العثور على غاية أو هدف لحياتهم، فإن ما يرغبون في قوله في حقيقة الأمر أن ما هو مهم لديهم ما عاد واضحًا في أذهانهم، ولا بد من ثلاثة أشياء حتى نبي الأمل ونحافظ عليه، أولهما هو الإحساس بأننا في موقع السيطرة، أي الشعور بأننا قادرون على التحكم بحياتنا والتأثير فيها، والثاني هو الاقتناع بقيمة شيء ما، ويعني أننا نجد في شيء ما أهمية كافية تجعلنا نعتقد بأنه يستحق العناء، والثالث هو الانتماء إلى جماعة من البشر تحمل نفس أفكارنا، تبعد عنا العزلة، وإذا فقدت أحد هذه الأشياء الثلاثة، فإنك ستصاب بانعدام الأمل.
الفكرة من كتاب خراب (كتاب عن الأمل)
هل تساءلت يومًا عن ما يجعل الناس يشعرون عن الدوام أنهم أكثر قلقًا وتعاسة، على الرغم من ازدياد حياتهم يسرًا؟ وهل فكرت يومًا أن ازدياد إمكانية تواصلنا مع الناس جعلنا أكثر تباغضًا؟ إننا نعيش زمنًا عجيبًا، فكل شيء صار في متناول اليد، ولكن لسببٍ ما كل شيء يبدو سيئًا لحد فظيع لا يمكن تداركه. في هذا الكتاب يُُحول مارك مانسون أنظارنا إلى العيوب التي لا مهرب منها داخل نفس كل إنسان منا، وكيف أن الإفراط في أشياء جيدة كالإنترنت، وعالم التسلية، وعلاقاتنا بالمال، يأكلنا أحياء من الناحية النفسية. وستجد عزيزي القارئ بداخل هذا الكتاب إجابات لجميع تساؤلاتك عن ما يجعل الحياة جديرة بأن تُعاش، ولماذا نجد أنفسنا تحت وطأة إحساس طاغٍ بانعدام الأمل.
مؤلف كتاب خراب (كتاب عن الأمل)
مارك مانسون: كاتب ومدّون أمريكي، وُلد في تكساس عام 1984، درس وتخرج في جامعة بوسطن، وأطلق أول مدونة له في عام 2009، وتجتذب مدونته على الإنترنت أكثر من مليوني قارئ شهريًّا، ويُعد كتابه فن اللا مبالاة – لعيش حياة تخالف المألوف، من أكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم.
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري مقيم في بلغاريا، حاز على إجازة جامعية في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، كانت بدايات عمله في الترجمة سنة 1991، وصدر له أكثر من ثلاثين عملًا مترجمًا، من أهمها: رواية 1984 لـ جورج أورويل، كتاب فن اللا مبالاة لـ مارك مانسون، رواية حب وقمامة لـ إيفان كليما.