ذاتي وشخصيتي أمانةٌ لديكما
ذاتي وشخصيتي أمانةٌ لديكما
أن يكون المرء ذا شخصية قوية واثقًا في نفسه محترمًا لها نجد ذلك منعكسًا على نظرته إلى الحياة وعلى اتخاذه للقرارات وتعامله مع الآخرين، وهذه النتيجة ثمرة لما تم تأسيسه في الصغر، وحتى نبني ذوات أطفالنا بما يضمن لنا ثمارًا ناضجة مستقبلًا هناك خمسة أركان ينبغي العناية بها، أولها مفهوم الذات، الذي يتشكَّل في السنوات السبع الأولى من عمر الطفل وتستمر معه، وتلك التي تكوَّنت قد تكون سلبية أو إيجابية أو متعالية، فالسلبية لديها نظرة دونية إلى ذاتها، وتعاملها مع الآخرين أيضًا ليس جيدًا بخلاف الذات الإيجابية المتفاعلة مع الآخرين المبادرة والمتحملة للمسؤولية، أما المتعالية أو المغرورة فهي لا تتفاعل مع الآخرين أصلًا بسبب نظرتها إليهم، وللوصول بالطفل إلى الذات الإيجابية علينا أن ندعم أطفالنا ونحفِّزهم، وأن نصفهم بصفات إيجابية مشجعة، وأن نثني على نقاط القوة ونعزِّزها لديهم، وأن نفصل بين سلوكياتهم الخاطئة وذواتهم فلا يكون السلوك حكمًا على الذات الشخصية.
الركن أو المفهوم الثاني هو تقدير الذات؛ بأن نشعِر أطفالنا بأن لهم ذواتًا خاصة مختلفة عن غيرهم، وبأنهم أشخاص مهمُّون، وبذلك نجعلهم متفائلين في حياتهم واثقين بقدراتهم، وذلك يتحقَّق أيضًا بما يُعرَف بالحب غير المشروط الذي تقترن فيه العاطفة بالسلوك من غير انحياز إلى تصرُّف معين صدر منه، بل هو من اسمه غير مشروط بأي شيء، أيضًا احترامه والثقة به وتعليمه مهارات حياتية عديدة ومهمة تبني لديه ذاتًا إيجابية مقدَّرة ومسؤولة.
وأما المفهوم الثالث فهو مفهوم توكيد الذات لدى الطفل، وذلك بأن يتوافق ما يعبِّر عنه بسلوكه أو حديثه عما يدور بداخله، وذلك يأتي من اعتياده التعبير عن مشاعره ومن تعلمه لمهارات الحوار ومن فهمه لاحتياجاته وقدرته على فعل أمور معينة والاعتذار بأدب عن عدم فعل أمور أخرى، وهكذا.
المفهوم الرابع هو مفهوم تقبُّل الذات بأن يتقبَّل الطفل شكله وذاته بمميزاته وعيوبه، وذلك يكون نتاج التقبل المطلق الذي يحظى به بين أفراد عائلته أيًّا كان شكله أو طبعه.
الركن أو المفهوم الأخير هو احترام مشاعر الذات، فمن الأمور القاسية جدًّا علينا ككبار، فضلًا عن الأطفال، أن يتجاهل أحدهم مشاعر معينة نمر بها فلا يقدرها، بل يحطُّ من شأنها أيضًا، كيف بالطفل الذي لا يملك أي خبرة أو معرفة مسبقة أو طريقة يدير بها مشاعره ويتحكَّم فيها!
نحن أيضًا قد نتعامل مع مشاعرهم بطريقة خاطئة، فلا نترك لهم مساحة أو فرصة للتعبير عنها، بل نلقِّنهم إياها تلقينًا، وندرِّبهم على محبة شيء يكرهونه أو العكس، أو نقارن مشاعرهم بمشاعر آخرين تعرَّضوا لنفس المواقف التي تعرَّضوا لها، أو نسخر منها أو نخوِّفهم!
تخيَّل قيمة الذات بالنسبة لك الآن، وقِس ذلك على الطفل الذي بين يديك؛ كيف تريد لشخصيته أن تكون حين يكون بنفس عمرك؟
الفكرة من كتاب مهارات التربية الفعَّالة: تطبيقات تربوية للطفل
أطفالنا أمانة في أعناقنا، وغراسنا الذي نأمل حُسنَه وطيبَه في المستقبل، وكعادة أي غرس فإنه يحتاج إلى عناية ورعاية وتعهُّد دائم وصبر طويل ومحبة لا تنتهي، بهذا يؤتي الغرس ثمره، وبهذا يُصنع أطفالنا على أعيننا مصطحبين معنا معية الله.
مؤلف كتاب مهارات التربية الفعَّالة: تطبيقات تربوية للطفل
عيسى بو موزة: مدرب معتمد، وكاتب ومؤلف في الشأن التربوي، وهو مستشار تربوي لمرحلة الطفولة، صدر له عدد من المؤلفات، وهي:
١٢٢ سؤالًا في التربية.
مشكلات الأطفال التربوية.
العناد لدى الأطفال: أسباب وحلول.