الأوهام والحقيقة والحظ والنجاح
الأوهام والحقيقة والحظ والنجاح
يحاول دائمًا من يدَّعون الحقيقة أن يكافحوا الأوهام بين الناس، غير منتبهين أن الوهم ربما يكون أنفع من الحقيقة أحيانًا، ولو عاش الإنسان على الحقيقة وحدها، لفني منذ زمن بعيد، فالأوهام لها وظيفتها في كثير من الحضارات، حيث إن الإنسان قد يطلب الحقيقة أحيانًا، ولكنه لا يستطيع أن يعثر عليها، وحينها يكون مضطرًّا إلى أن يخلق بأوهامه حقيقة خاصة به، تُعِينه على حل مشاكل الحياة، ولعلَّنا في يومنا هذا، وسط كل التقدم الذي نعاصره، نضحك على سبب لجوء بعض القدماء إلى الطلاسم لمعالجة مرضاهم، غافلين عن أن الطلاسم حينما يعتقد المريض بها، تنفع أكثر من الدواء، حيث قام بعض العلماء بتجربة على بعض المرضى، فقاموا بتقسيمهم إلى قسمين، وأعطوا قسم الدواء الصحيح، والقسم الآخر ماءً، ولاحظو أن أغلب من لم يتناولوا الدواء الصحيح، ظهرت عليهم أمارات الشفاء، وهذا يدل على أن الاعتقاد يبعث الثقة في الإنسان، ويوحي بالشفاء والنجاح، ولكنه في نفس الوقت يمنعه من ممارسة الحياة ممارسة واقعية حكيمة، ويجعله أميل إلى اعتناق السخافات والأباطيل، منه إلى مواجهة الحقائق المرة.
وللنجاح عوامل اجتماعية كما أن لديه عوامل نفسية، وتعدُّ العوامل الاجتماعية سببًا كبيرًا في نوال النجاح، حيث إن الصعود في مراقي النجاح لا يعتمد على سعي الفرد وحسن تدبيره، فالفرد مقيَّد بقيود لا تحصى، فهو إن استطاع أن يتحرَّر من قيوده النفسية، وقفت أمامه قيوده الاجتماعية، فقد يولد الفرد في بيت فقير، فيندفن فيه وحول بيئته المحدودة مهما كان موهوبًا، ويكمن سبب إخفاق الشخص في أي عمل يقوم به إلى تعاكس المخيلة والإرادة، ولن نغالي إن قلنا إن الشخصية الناجحة هي التي تتخيل النجاح الذي تريده، ويجب على المربين أن يطبعوا خيال النجاح في أذهان أبنائهم، فيقولون لهم: أنتم ناجحون، وليس كونوا ناجحين، ومن الممكن القول إن سوء الحظ هو عقدة نفسية، فسيئ الحظ هو الذي يتخيل الخيبة والفشل في كل أمر يقوم به، فهو يريد النجاح ويدأب في سبيله، ولكنه في أعماق عقله الباطن يتصوَّر الفشل، وتوقُّع الخيبة لن يجلب الخيبة دائمًا، ولكنه يزيد من معدل ظهورها.
وقد قال تعالى:﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾، فالتحدث بالنعمة يزيدها لأن كل كلمة يقولها الفرد وهو يتحدث عن النعمة التي وهبها الله له، تطبع في مخيلته الفأل الحسن، ويتصوَّر النجاح ماثلًا أمامه، وللأسف فإن مجتمعاتنا العربية الحالية، اعتادت أن تتخوَّف من ذكر النعمة على شتى صورها، ولذلك انتشرت بيننا عقيدة الحظ، وكثر أصحاب الحظوظ السيئة.
الفكرة من كتاب خوارق اللاشعور (أسرار الشخصية الناجحة)
هل سبق وتساءلت يومًا عن الحظ؟ ولماذا هنالك أشخاص يرون أنفسهم على أنهم سيئو الحظ؟ هذا الكتاب يتحدث عن بعض الأمور الغامضة كالحظ، والعبقرية، والتفوق، والنجاح، كما يوضح أثر الحوافز اللاشعورية، التي تحدث بالعقل الباطن، وقدرتها الكبيرة على إحداث تغييرات جذرية في حياتنا، متناولًا ذلك في ضوء النظريات العلمية الحديثة، فهذا الكتاب بمثابة دراسة اجتماعية قيمة للنفس البشرية، توضح أسرار الشخصية الناجحة، وعوامل الإبداع، وأسباب الفشل، في إطار جديد مختلف.
إن اللاشعور لا يعرف التمييز بين الحق أو الباطل، أو بين الصواب والخطأ، فهذا من شأن العقل الظاهر أن يعرفه، فهو عقل الشك والبحث والتفلسف، أما العقل الباطن هو عقل اليقين والعقيدة، وخوارق اللاشعور لا تدل على صحة العقيدة، بقدر ما تدل على قوتها في النفس.
مؤلف كتاب خوارق اللاشعور (أسرار الشخصية الناجحة)
الدكتور علي الوردي (1913: 1995): وُلد في بغداد في مدينة الكاظمية، عمل بالعديد من الوظائف الجزئية محدودة الدخل حتى تخرج في المدرسة الثانوية ونال المرتبة الأولى، ثم حصل على بعثة للجامعة الأمريكية في بيروت، وأتم دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة تكساس الأمريكية، وعُيِّن مدرسًا لعلم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة بغداد، وقام بكتابة العديد من البحوث المهمة، والمقالات، والكتب، كما ظهر تأثره الواضح بابن خلدون في علم الاجتماع، وتُوفي بعد صراع طويل مع مرض السرطان عن عمر يُناهز 81 عامًا.
من أهم مؤلفاته:
وعاظ السلاطين.
مهزلة العقل البشري.
الأحلام بين العلم والعقيدة.