سيكولوجية الألم
سيكولوجية الألم
إن سيكولوجية الألم مُعقدة نوعًا ما، فهي ليست مؤشرًا فقط لإصابة الإنسان بضرر عضوي ما، يُعلن عن وجوده بإرسال مؤشرات تنبيهية إلى المخ فتظهر على هيئة آلام، وظل هذا المفهوم حول الألم مُنحصر في فترةٍ ما على كونه ألمًا عضويًّا فقط، إلى أن وجد الأطباء أنه قد يُصاب المرء بضرر ما ولا يشعر بألم أو لا يُصاب بضرر جسدي واضح، لكنه يشعر بالألم وهنا هو ليس مُدعيًا للألم بل هناك ما يُسمى بالألم النفسي الذي يُصيب الإنسان، وله أسباب متعددة منها، القلق والتوتر الذان قد يُسببان آلامًا بالرقبة والظهر، وشعور الإنسان بالضعف والبرد، وأيضًا الاكتئاب الذي قد يكون بسبب فقد أو خسارة أشخاص، لكن قد يرفض الشخص الاعتراف بشعوره مما يُسبب له تراكمات نفسية وألم نفسي، ويظهر في شكل عضوي كفقدان الشهية وآلام المعدة أو الكسل أو اللا مبالاة أو فقط على هيئة ألم نفسي مستمر، ويُصاب البعض بالخوف المرضي أي الفوبيا وهؤلاء بالفعل يزداد شعورهم بالألم دون إدراك منهم لسبب واضح، كل تلك المشاعر التي يرفض المرء الإقرار بها تُسبب له أعباء نفسية ثقيلة عليه، لذا عليه مواجهتها وطلب المساعدة من مختص لكي يستعيد حياته ويستعيد قواه ليتحكم في الألم.
ومن المفاهيم الخاطئة حول الألم وجود تناسب بين حدة الألم وقدر الضرر الحادث، وإذا لم يُكتشف الضرر الحادث بجسد الإنسان، فلا يوجد ألم بل هو ادعاء للمرض، لذا على كل طبيب مُعالج أن يراعي سيكولوجية الألم وفلسفته عند الإنسان، وما يشعر به الإنسان حينها ليُحدد قدر الضرر الواقع عليه إن كان نفسيًّا أو عضويًّا، وعلى المريض نفسه أن يُقيم حالته وأن يفهم نفسيته وصحته فمسؤولية شفاء الإنسان أيضًا جزء منها يقع على فهمه لنفسه وحالته الصحية والنفسية، كما أن الألم هو شعور عضوي ويتوقف الإحساس به على الموقف الذي يحدث فيه، فقد تفعل أشياء تُسبب لك ألمًا مثل الحركة الكثيرة في أثناء التسوق، لكنه أمر يسبب متعة وسعادة فتتجاهل هذا الألم في سبيل السعادة.
الفكرة من كتاب كيف تتعايش مع الألم؟
في هذا الكتاب يعرض لنا الكاتب نيفيل شون كيفية التعايش مع الألم وإدارته وفهم الألم وطرق التحكم فيه، وتحويله من ألم تعجيزي إلى تحفيزي، فالكاتب تعرض لانتكاسة صحية حولته من شخص رياضي أكاديمي متفاعل في الحياة إلى شخص عاجز لا يقوى حتى على حمل كتاب يقرؤه لدقائق قليلة ولو حتى على حامل، إلى أن جاء يوم أُقيم فيه برنامج عن إدارة الألم في إحدى المستشفيات، وحضره الكاتب بعد أن نصحه عدد من الأطباء بحضوره، وعلى الرغم من بساطة المحتوى المعروض في هذا البرنامج، فإنه غيّرَ حياة الكاتب والعديد من المرضى معه واستعادوا معه حماسهم تجاه الحياة، وتعلم الكاتب مهارات كثيرة للتعامل مع عجزه وتقويةَ بدنه وكيفية التعايش مع ألمه بشكل تحفيزي لا تعجيزي، وهذا ما جعله يكتب تجربة معايشته للألم الذي ما زال يحمله حتى الآن، فقط ليساعد من هم في مثل ظروفه ومن عانوا من الألم لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أو من يعانون ألمًا مستمرًّا، ولم يعرض إلا أشياء جربها بالفعل ويعرف نتيجتها، ليكون دليلًا للمتألم لخوض التجربة والتغلب على التحديات التي توقف حياته.
مؤلف كتاب كيف تتعايش مع الألم؟
نيفيل شون: هو أستاذ جامعي، كان حريصًا على ممارسة الرياضة، وكانت حياته الاجتماعية زاخرة بالأحداث إلى أن أصابه مرض في العمود الفقري، أدى إلى إصابته بالعجز وعدم الحركة وشعوره بالألم المستمر، مما دفعه إلى ترك العمل والإصابة باليأس، لكنه بعد فترة أدار حياته واستعاد نشاطه، واشتهر بكتابنا الذي نعرضه اليوم “كيف تتعايش مع الألم؟”، وله عدة مؤلفات أخرى منها “حِمية الألم المُزمن The Chronic Pain Diet Book”، و”كتيب إدارة الألم Pain Management Handbook”، وكتاب “السرطان – شأن عائلي Cancer – a Family Affair”.