جبل في وجه العاصفة
جبل في وجه العاصفة
أن تستعصم بالله فتلك مرتبة العفَّة، مرتبة يصطفي بها الله الصالحين من عباده، والمعتصم بالله السجن أحب إليه من معصية خالقه ومولاه، فيكون إيمان العبد كالجبل في وجه عاصفة الفتن، يعلم أن الله هو العاصم وحده.
والفتنة حارقة ماحقة، وحده الله يحول بين العبد وبينها، ويُسبل ستره عليه، فهذا حال من يسعى إلى رضى الله وجنته، بعكس حال من يسعى في سخط الله ومعصيته، والكل في هذه الحياة يتعب، الطائعون ليُرضوا الله، والعصاة ليغضبوا الله، إذ إن رضا الناس غاية لا تُدرك، والسعي إنَّما هو لرضا الله.
دُعاء من اعتصم بالله وتجنَّب معصيته، واستعان به على طاعته؛ هو دعاء مستجاب، حتى وإن ظهرت لك ظلمة المصيبة، فمن وراءها نور الفرج، وقساوة السجن في قرب الله خير من شؤم وعقوبة البُعد عن الله.
الفكرة من كتاب يوسفيات
إن التدبُّر هو ما يفعله كلُّ مؤمن يقرأ كتاب الله، ما دام عقله حاضرًا، وقلبه واعيًا، فكلُّ معنى يقف عنده القلب مُتأثِّرًا، أو مُتشوِّقًا، أو مُتحسِّرًا، أو مُتلهِّفًا، أو مُحبًّا، أو مُبغضًا، وكل تلك المعاني النفسية هي من صميم التدبُّر، ولا يكاد قارئ لآيات كتاب الله إلا ويشعر بها في قلبه، ويتصوَّرها في خياله.
فالقرآن كتابٌ مُبين، ومن كونه مُبينًا أنَّ كلَّ الكُتب يعتريها غموض سواه، فكل الكُتب فيها لبس إلا هو، ويطرأ عليها شيء من التناقض عداه، إذ إنَّ الوضوح الصفة الأهم لأعظم كتاب أنزله الله، فمن قرأ القرآن ولم تتضح الرؤى لديه وتترتَّب فوضى عقله ولم تنسجم قناعاته مع مبادئه؛ فهو لم يقرأ القرآن حقًّا، وقد أُنزِل القرآن حاملًا خصائص العلو والارتفاع، فكل من قرأه علت نفسه، وكل من حفظه علت همَّته، وكلُّ من تدبَّره علت قدرته وأنارت بصيرته، ومن عمل به علت منزلته ومكانته.
مؤلف كتاب يوسفيات
علي بن جابر الفيفي: علي بن يحيى بن جابر الفيفي يعمل محاضرًا في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، وقد التحق بالجامعة عام 1435 هجريًّا، وهو حاصل على بكالوريوس في تخصُّص العودة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصُّص الدعوة والاحتساب.
من مؤلَّفاته: “لأنك الله”، و”محمد الرجل النبيل”، و”سوار أمي”، و”حلية الوقار”، وغيرها.