إلى القصر
إلى القصر
لله اللطيف أسباب عجيبة يُغيث بها عباده، وينقلهم بها من حالٍ إلى حال، ويُدبِّر لهم بها ما لا يتصوَّره عقل، فكثير من العطايا الربانية والهبات الإلهية لا تأتي إلَّا بعد اختبارات بعدد أيام عمر الإنسان، والله يجازي الصابرين على صبرهم والمحسنين على إحسانهم.
الغرف المغلقة التي لا يعلم فيها أحد عن إحسانك وإتقانك هي محكُّ الإحسان والإتقان، فمواجهة الأهواء يُستعان عليها بتقوى الله في السر والعلن، وكل محسن (يوسف عليه السلام) وغيره، له جزاء بحسب إحسانه، وهذا فضل الله على عباده يؤتيه من يشاء ولا يقتصر على الأنبياء.
فالأنبياء لا يتمُّ علمهم وفهمهم إلَّا في سنِّ الأربعين، وهكذا جرت السُّنة في الناس أجمعين، ورزق الله وعلمه لا يؤتى إلَّا بطاعة، فالعلوم الشريف تُطلب بحفظ الجوارح ودوام المُراقبة.
الفكرة من كتاب يوسفيات
إن التدبُّر هو ما يفعله كلُّ مؤمن يقرأ كتاب الله، ما دام عقله حاضرًا، وقلبه واعيًا، فكلُّ معنى يقف عنده القلب مُتأثِّرًا، أو مُتشوِّقًا، أو مُتحسِّرًا، أو مُتلهِّفًا، أو مُحبًّا، أو مُبغضًا، وكل تلك المعاني النفسية هي من صميم التدبُّر، ولا يكاد قارئ لآيات كتاب الله إلا ويشعر بها في قلبه، ويتصوَّرها في خياله.
فالقرآن كتابٌ مُبين، ومن كونه مُبينًا أنَّ كلَّ الكُتب يعتريها غموض سواه، فكل الكُتب فيها لبس إلا هو، ويطرأ عليها شيء من التناقض عداه، إذ إنَّ الوضوح الصفة الأهم لأعظم كتاب أنزله الله، فمن قرأ القرآن ولم تتضح الرؤى لديه وتترتَّب فوضى عقله ولم تنسجم قناعاته مع مبادئه؛ فهو لم يقرأ القرآن حقًّا، وقد أُنزِل القرآن حاملًا خصائص العلو والارتفاع، فكل من قرأه علت نفسه، وكل من حفظه علت همَّته، وكلُّ من تدبَّره علت قدرته وأنارت بصيرته، ومن عمل به علت منزلته ومكانته.
مؤلف كتاب يوسفيات
علي بن جابر الفيفي: علي بن يحيى بن جابر الفيفي يعمل محاضرًا في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، وقد التحق بالجامعة عام 1435 هجريًّا، وهو حاصل على بكالوريوس في تخصُّص العودة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصُّص الدعوة والاحتساب.
من مؤلَّفاته: “لأنك الله”، و”محمد الرجل النبيل”، و”سوار أمي”، و”حلية الوقار”، وغيرها.