الحب الرومانسي
الحب الرومانسي
ابتداءً من وسط القرن الثامن عشر أطلق أدباء هذا العصر ومؤرِّخوه عليه العصر الرومانسي، وهو عصر شبَّ فيه صراع اقتصادي واجتماعي وفكري بين فئة الطبقة الوسطى وفئة الإقطاع، وصعدت فيه الطبقة الوسطى الصناعية كطبقة قوية، وامتدَّ هذا العصر إلى الثلث الأول من القرت التاسع عشر وتحرَّروا من العصر الكلاسيكي إلى عصر مليء بالعاطفة المتحرِّرة، وانقسم الرومانسيون فيه إلى قسمين؛ قسم رجعي وينتمي إليه الذين يرجون عودة العصر الكلاسيكي مثل نوفاليس ولامارتين، وقسم مناهض يريد مستقبلًا جديدًا مثل هيجو وشوبان وشيلي.
نتيجة الجمع بين ثقافة الفلسفة الإغريقية والتطهير المسيحي الذي جاء بعدها، تميزت نفسية الشخصية الأوروبية بحبها وتأثرها بالشقاء، لذلك نجح الرومانسيون في نشر أدبهم، حتى صارت الشخصية الأوروبية -كما وصفها إبراهيم زكريا في كتابه مشكلة الحب- تربط “الفهم بالألم، والوعي بالموت، فتصورت أن الآلام بصفة عامة، وآلام الحب بصفة خاصة، إنما هي ميزة كبرى تصحبُ كل فهم عميق لحقيقة أمر هذه الحياة الإنسانية، وإذن لا بدَّ للعاشقين أن يجتازوا تجربة الألم إذا كان لهم أن يفهموا يومًا سر الوجود الإنساني، الذي يمضي نحو الموت”.
وأصبح الحب الرومانسي في هذا العصر وهو نتاج العصر الكلاسيكي أساس كل شيء واعتبروا الزواج بلا حب زواجًا بلا معنى، وأصبحت قيم هذا العصر تمردية وانفصلت عن سلطة الكنيسة، وأصبح الحب الرومانسي عبارة عن مزج لثلاثة مكونات وهي: إيروس، وصفة التطهر بالألم، وصفة التمرد على القيم المجتمعية، ولُقِّبَ جان جاك روسو الفيلسوف الفرنسي بأبي الرومانتيكيين، وثار فلاسفة آخرون على قوانين الزواج مثل شليجل -وهو رائد الحركة الرومانسية الألمانية- وجورج صاند -وهي روائية فرنسية ثارت على قوانين الزواج المسيحية ووصفت هذه القوانين بـ”قوانين البؤس والعبودية”- فأصبح عصر الحب الرومانسي ثورة فكرية ثقافية.
ويُوصف الحب الرومانسي بأنه حب مليء بالقلق والشغف وغير مستقر، وينبني على الإحساس بالقيمة والحميمية، وحب لغير العقلانيين، وبأنه اندفاعي وكاره للواقع وقصير العمر، ويتغذى على الأوهام والأحلام، وقد تكون نهايته محطِّمة إلا إن له جاذبية خاصة بين البشر.
الفكرة من كتاب الحب الرومانسي بين الفلسفة وعلم النفس
ألم تتساءل يومًا لماذا نحب؟ وما مفهوم هذا الحب؟ كل هذه الأسئلة لها أجوبة حتى وإن كانت قاصرة على تجارب القليلين منا، بالتأكيد الحب أحد المشاعر البشرية الانفعالية والمعرفية للشخص، وهو علاقة تركيبية غير ثابتة من المثيرات والعواطف، والحب ليس فقط بين المحبين، بل بمختلف الأنواع، وأشهر نوع نعرفه من الحب هو الحب الرومانسي، ويُعد حبًّا غير عقلاني وغير حكيم في الغالب متغذيًا على الوهم، وفي هذا الكتاب يأخذنا الكاتب فارس نظمي إلى مفهوم الحب وأنواعه، وبخاصةٍ الحب في عصر الحب الرومانسي، والحب بين الفلسفة وعلم النفس.
مؤلف كتاب الحب الرومانسي بين الفلسفة وعلم النفس
الدكتور فارس كمال نظمي: أستاذ جامعي عراقي، وكاتب وباحث في سيكولوجيا السياسة والدين والشخصية الاجتماعية والهوية الوطنية والاحتجاج والعدالة الاجتماعية، وهو ناشط في عدد من منظمات حقوق الإنسان وحركات الجندر، وهو حاصل على بكالوريوس الهندسة المدنية، ودكتوراه علم النفس الاجتماعي من جامعة بغداد.
له عدة كتب ودراسات ومقالات، ومنها: “سيكولوجيا الاحتجاج في العراق: أفول الأسلمة.. بزوغ الوطنياتية”، و”الرثاثة في العراق: أطلال دولة.. رماد مجتمع”، و”الأسلمة السياسية في العراق: رؤية نفسية”، و”المحرمون في العراق: دراسة في سيكولوجية الظلم”، و”مقالات ودراسات في الشخصية العراقية”، و”سـنحاول أن نزهر” (مجموعة شعرية).