القوالب والمعاني
القوالب والمعاني
تصاعدت خلال السنوات الماضية الأصوات الداعية إلى التحرُّر من القوالب وتحطيم الأنماط الثابتة والثورة عليها بدعوى الحرية ورفض الخضوع لنمط سائد، أو بدعوى الفردانية والتميز، حتى أصبحت سمة مميزة للحضارة الجديدة ترمي كل من يحاول البقاء على حاله رافضًا حُمَّى التغيير المُتَفَلِّت بالجمود والرجعية، ولكن ما زاد على حده قُلِب إلى ضده؛ فصار الخروج على القوالب قالبًا في حد ذاته حوى كل سلبيات القوالب الأخرى وضاعت عليه حسناتها؛ ذلك أنه لا يمكن إنكار دور القوالب تاريخيًّا وحضاريًّا في تحديد المعاني ونقلها من جيل إلى آخر أو من حضارة إلى أخرى.
بالتأكيد توجد بعض القوالب التي يجب تحطيمها، ومنها ما طال عليه الأمد ويحتاج إلى نظر وتجديد، لكن هناك بعض القوالب تتحدى الزمان وتبقى حية وقادرة على مواجهة التحديات، فقط لو أُحسِنَ فهمها.
يرى الكاتب أن هذه الدعوة طالت الصلاة وهيئاتها، ففقدت معانيها بين إفراط وتفريط، فهي قد تبدو من النظرة الأولى لا تعدو مجرد حركات وسكنات لا يُفهَمُ الغرض منها، وقد تؤدي بعض التدريبات الرياضية نفس الدور الذي تقوم به! فيسقطها البعض تمامًا متحججًا أن المهم ما في القلوب ولا ضرر من مخالفة الهيئات المفروضة، والبعض الآخر يؤديها كحركات تمثيلية خالية من أي معنى أو قيمة.
غير أن هيئات الصلاة أمور توقيفية؛ أي يجب تأديتها كما وردت عن النبي (ﷺ) وإلا فلا تصح الصلاة، فإن هيئات الصلاة تمثل هندسة خاصةً ناطقةً بالمعاني، وفهم هذه المعاني سوف يعطي فهمًا أعمق للصلاة، ويجعلها تؤدي دورها الحقيقي؛ هذا الدور الذي في إمكانه تغيير حياتك كلها.
الفكرة من كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
يقول رسول الله (ﷺ): “ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”.
في هذا الكتاب؛ يعرض أحمد خيري العمري هيئات الصلاة من قيام وركوع وسجود، موضحًا المعاني الكامنة حول تلك الهيئات، وأنه لا ينبغي أن يقتصر المرء على القيام بالحركات والأوضاع دون فهم المعاني المرتبطة بتلك الحركات والمغزى من ورائها.
مؤلف كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
أحمد خيري العمري: كاتب وطبيب أسنان عراقي، اشتهر بكتاباته في مجال النهضة الإسلامية، وتم تصنيفه -وفقًا لأحد مراكز الدراسات السويسرية- ضمن قائمة تحوي 100 من المؤثرين في صناعة الرأي عربيًّا، وذلك في عام 2017.
له من الإنتاج الثقافي الكثير منذ بدأ الكتابة والنشر، يتراوح بين ثلاثة عشر كتابًا وثلاث روايات وثلاثة برامج متلفزة، حيث احتلَّت الكتب النصيب الأكبر والانتشار الأوسع، ومنها:
البوصلة القرآنية.
عالم جديد ممكن.
الذين لم يولدوا بعد.
المهمة غير المستحيلة.
لا نأسف على الإزعاج.