كيف بدأ الأمر؟
كيف بدأ الأمر؟
كثيرًا ما يتردد على آذاننا اليوم سيناريو معتاد بغيض مُكرَّر بحذافيره، تختلف فيه الأسماء والشخوص والأماكن، وتبقى الحبكة واحدة، والعنوان لا يتبدَّل “العلاقة المؤذية”، تبدأ من لاوعي الفتاة بانتظارها للأمير الفارس الذي سوف يحرِّرها من الساحر الشرير، ويختطفها على حصانه ويعيشان معًا إلى الأبد، وغالبًا ما يكون الساحر الشرير في أغلب السيناريوهات هو الأب الغائب الحاضر، الذي يقضي معظم وقته في عمله، وإن حضر فهو جاف غليظ.
فتصبح الفتاة في جوع عاطفي، يجعل من السهل جدًّا أن تقع فريسة لأول حضن يُفتح لها، والإعجاب به، فيسهُل عليه مراوغتها، فتدَّعي هي ليلًا ونهارًا أن يكون من نصيبها، ويبدأ هو بإلقاء التلميحات الذكية عليها، ثم يصارحها بحبه، فتتورَّط هي أكثر، ثم تنفجر مشاعر الحب وتشعر هي وكأن هذا تعويض من الله، ومن ثم يدخل الجسد في هذه اللعبة، ثم ركود في العلاقة، ثم رحيل وعودة، وعودة ورحيل، لتجد نفسها غير مرتاحة بالقرب، ولا تستطيع الابتعاد، والنهاية واحدة، ضيق وتيه وتمزق.
يوضِّح الكاتب هنا علامات يمكن التعرف بها على الشخص المؤذي النرجسي؛ أولها إحساس النرجسي العالي بالعظمة، وكونه شخصًا فريدًا من نوعه، لا يستطيع أي شخص فهمه، واستيعابه إلا أناس متفردون مثله، ويكون هذا تبريره دائمًا إذا نصحه آخر أو انتقده، وهذا لا يجعله أبدًا يعترف بوجود مشكلة فيه، ولهذا لا يخضع أبدًا للعلاج النفسي، ويكون الغرور إذن غالبًا على كل تصرفاته، فهو شديد الإلحاح على احتياجاته ورغباته، وصعب الإرضاء، فلا يكاد يتحمل التجاهل أو الشعور بالرفض أو الفشل، أو مقارنته بالآخرين، ولديه أيضًا هوس بالألقاب واعتلاء المناصب، وأحيانًا ما يبالغ في وصف علاقاته بالأشخاص أصحاب السلطة والشهرة، وهو مبدع أيضًا في التأويل، وتحريف الكلمات والمواقف على هواه، ولذلك تجد المحيطين به حذرين دائمًا في حديثهم معه، ولا يكاد يعجبه شيء، فتجده كثير الحكم على الناس والمؤسسات، فيتصيَّد الأخطاء، ويتخذها برهانًا للنبذ والرفض، ومظهره الخارجي دافئ وحنون، ولكنه في الحقيقة لا يكترث إلا بأحاسيسه الذاتية فقط، فيجد صعوبة في الشعور بالآخرين أو التعاطف معهم.
الفكرة من كتاب أحببت وغْدًا.. التعافي من العلاقات المؤذية
تبدأ العلاقات المؤذية حينما يريد المرء الهروب من ذاته وممن حوله، وأكثر الناس اقترافًا لأخطاء الاختيار هم أولئك الذين ينتظرون بشغف، ويترقَّبون بتلهُّف، فيقدم الكاتب روشتة نفسية ليست مقتصرة فقط على العلاج، بل أيضًا تتطرق إلى طبيعة العلاقات المؤذية، وطرق التعافي منها، في محاولة لفهم أوسع، وإخراج الضحايا من دائرة الوهم، ومنحهم زاوية جديدة لرؤية الوغد المؤذي.
مؤلف كتاب أحببت وغْدًا.. التعافي من العلاقات المؤذية
الدكتور عماد رشاد عثمان: طبيب بشري من مواليد الإسكندرية عام 1986 ميلاديًّا، كاتب وباحث ملتحق بدرجة ماجستير أمراض المخ والأعصاب، والطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، له العديد من المؤلفات، ومنها:
رواية اقتحام.
أبي الذي أكره.