تجاهل المشكلات ليس هروبًا واعيًا
تجاهل المشكلات ليس هروبًا واعيًا
نلجأ أحيانا إلى تجاهل المشكلة والتعامل على اعتبار أنها غير موجودة من الأساس، إما خشية من المواجهة وإما تأجيلًا لها أو جهالة بعمق حجمها وهذا أسوأ الأسباب لأن بإمكانه إثارة صراعات جانبية أخرى مضرة يصعب تفكيكها لاحقًا، ففي الوقت الذي يبدو فيه التجاهل حلًّا مناسبًا، يتكشف افتقار الوعي وعوزه إلى العلم الكافي بواقع الحادثة وحسن إدارتها، وفي هذا ضرر أعظم مما نتخيل أننا تلافيناه عندما اعتمدنا هذا السلوك الأعمى تجاهلًا وانهزامًا.
والمعركة هنا معركة إداركية تستلزم تغذية الوعي وتحضير الذهن والانخراط في المخاطر مع التأكيد على أهمية المسؤولية الشخصية في تقلد زمام المواجهة وعدم التملص منها.
و للخروج من دائرة الجهل إلى الوعي علينا الابتعاد عن التمركز المفرط حول الذات العرقية منها على وجه الخصوص، لأن هذه النظرة الأحادية للعالم من منطلق هذا القالب الضيق والأفق المحدود تهدد كل جهودنا حيال الانخراط والتعايش مع المشكلات، وخصوصًا إذا انحصر الآخر بمشكلاته حول مرتكزاته هو أيضا، مسهمًا بهذا التقوقع في إذكاء صراعات فارغة تحط من قيمة الآخرين، وهنا تبرز أهمية الانخراط وإياهم في حل المعضلات المشتركة التي تعد من أبرز عوامل التخلف وأسبابه.
كما يساعد استيعاب أهمية التغيير والحاجة إليه بحكم سياسة الواقع على تصحيح نظرتنا إلى العالم والآخرين والبحث عن مركزيات مشتركة إضافية تمهد لنا ولهم طريق التواصل الفعال وفق متطلباته العصرية، فعندما نؤمن أن وجهات نظرنا قابلة للنقد والتفنيد والخطأ وأنها ليست الخيار الأول الوحيد، وأن الساحة تتسع لخيارات كثيرة ومتعددة دون افتراض صدامات وصراعات جانبية، يمكننا ترويض هذه النزعة الانطوائية القائمة على التحيز والمؤدية إلى العنصرية والتحجر.
الفكرة من كتاب أخرج رأسك من الرمل
تلجأ النعامة إلى وضع رأسها في الرمل هروبًا من أي خطب قائم يهددها وتعجز عن مجابهته، وهي سياسة تتبعها لضعف تتوهمه في قدرتها على المواجهة والخوف من رفع رأسها بحثًا عن مخارج بديلة قد توفر لها فرص النجاة، بينما نتميز على النعامة بنعمة التفكير التي تقتضي التأمل والبحث والترجيح، إذ إن هذه هي أخص خصائص البشرية التي جبلت عليها أذهاننا وتفتقت بها عقولنا، موجهة باب مداركنا إلى التحليل والتركيب والتفكير، توصلًا إلى إجراءات الوقاية وسبل النجاة، وفي عالم سريع التغير أحوج ما نحتاج إليه على صعيد التطوير الذاتي لعقولنا اعتماد سياسة التنوع مبدأً أساسيًّا للتفكير والتحليل، من خلال إدارة علاقتنا بالواقع وما يقع فيه بطريقة متوازنة واعية، تحل مشكلاته وتضفي على هذه الطريقة روح الانفتاح والمرونة موقدة فتيل الانخراط والدافعية.
مؤلف كتاب أخرج رأسك من الرمل
الدكتورة “آمي.اس.تولبرت”
مدربة ومستشارة في مجالات المصادر البشرية وتطوير المؤسسات، ومديرة مؤسسة التغيير الإبداعي الفعال التابعة لمجموعة “ECCO العالمية” المهتمة بنشر مفهوم مميز للروح والمحافظة على الاستمرار والديمومة.
حاصلة على شهادة الدكتوراه في تنمية الموارد البشرية، وتخصصت في ثقافة التنوع والمثاقفة والتدريب عليهما من جامعة مينيسوتا.
إضافة إلى أنها عملت بالتدريب في مجالات التعليم الإلكتروني وتصميم العمل التلفزيوني وإنتاجه والعروض المغرية ومهارات الاتصال والإدارة والتحفيز والقيادة.
معلومات عن المترجم:
ترجمة “منار الشهابي” من أعمالها:
الإبادة الثقافية.
التقرير التعذيب “وثائق برنامج التعذيب الأمريكي بعد 11 سبتمبر”