الصبي الشيخ
الصبي الشيخ
هو محمد البشير بن محمد السعدي الإبراهيمي، يرجع نسبه إلى قبيلة “أولاد أبراهم”، وهو من نسب شريف من صميم العرب ينتهي إلى هلال بن عامر، وُلِد في الرابع عشر من شوال لعام 1306 هجرية الموافق 1889 ميلادية، نشأ في بيت ريفي بسيط، وكانت أسرته “أسرة علمية”، توارثت العلم من خمسة قرون مضت، ووفق ما كان متعارفًا عليه كانت تلك الأسر تقوم بدور المدرسة لطلبة العلم، وتتكفل بإطعام المغتربين منهم، ويقوم علماء هذه الأسرة العلمية بتدريس الطلبة بشكل منتظم.
لم يكن للبشير إخوة من الذكور، وقد أصيب في التاسعة من عمره بمرض في رجله اليسرى انتهى به إلى عرج دائم فيها، وقد تلقى العلم في بيته، فمنذ أتم الثالثة من عمره تعهَّد بتعليمه عمه الشيخ محمد المكي الإبراهيمي، وكان ضليعًا في العربية وفنونها، فكان يلازمه في صحوه وطعامه ونومه، وكان محمد البشير نابغة في الحفظ، فكان يحفظ عشرات الأبيات بسماعها مرة واحدة، وكان ذا فهم وذكاء مميزين، وأحسن عمه استغلال تلك الموهبة لديه، حتى حفظ القرآن في الثامنة، وحفظ ألفية بن مالك وتلخيص المفتاح، ولما أتم عشر سنوات كان قد حفظ ألفيتي العراقي، وكثيرًا من النظم والرسائل، والمعلقات والمفضليات، وحفظ كل شعر المتنبي، بالإضافة إلى حفظه كثيرًا من كتب اللغة كـ”الإصلاح” و”الفصيح”، وكتب الأدب كـ”الكامل” و”البيان”، وكان عمه يتعهَّده بالدروس في النهار، ويمتحنه في آخر كل يوم ساعة في فهم ما وعاه، وليلًا يقرأ عليه حتى يتم حفظ مائة بيت شعري، لينتهي بذلك يومه ويخلد إلى النوم.
تُوفِّيَ عمه وهو ابن أربعة عشر عامًا، وقد أجازه قبل وفاته، وأمره أن يخلفه في تعليم زملائه من الطلبة، ففعل وهو في تلك السن الصغيرة وأصبح شيخًا لهم وهو بعد في عمر الصبا.
الفكرة من كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
سيرة محمد البشير إنما هي سيرة إمام وعالم ومناضل، حمل راية العلم والإصلاح لتحرير أمته، مما أسماهما الاستعمارين المادي والروحي، أما المادي فهو الاحتلال الفرنسي، وأما الروحي فهو الخرافات والبدع التي انتشرت على يد مشايخ الطرق، وتتناول هذه السيرة مراحل حياته منذ نشأته في الجزائر وتلقيه العلم، ثم انتقاله إلى المدينة المنورة وتدريسه بالمسجد النبوي، وبعدها إلى دمشق ومن ثم عودته، ودوره في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وموقفه من الاستعمار الفرنسي، ومن الثورة الجزائرية المجيدة.
وقد قام بجمعها وتحقيقها الدكتور رابح بن خوية من ثلاثة مقالات كتبها محمد البشير بنفسه لمناسبات مختلفة، وأضاف عددًا من أهم خطبه التي تبيِّن جزءًا من مواقفه في آخر حياته، مستعينًا في ذلك بكتاب “آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي” الذي كتبه ابن الشيخ الأصغر أحمد.
مؤلف كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
محمد البشير الإبراهيمي، إمام ومفكر ومؤلف، ولغوي جزائري، ولد عام 1889، من أئمة الإصلاح إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، أسَّس مع الإمام عبد الحميد بن باديس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وكان له دور في التمهيد للثورة الجزائرية ودعمها بلسانه وقلمه.
من مؤلفاته: “مقالات عيون البصائر”، و”بقايا فصيح العربية في اللهجة العامية بالجزائر”، و”أسرار الضمائر في العربية”، ورواية “كاهنة أوراس”، و”شعب الإيمان”، وملحمة “رجزية تبلغ ستة وثلاثين ألف بيت”.