جيران سيئون وحكم سيئ
جيران سيئون وحكم سيئ
إن حكم بلد ما بطريقة جيدة يساعد بشكل كبير على تحقيق النمو الاقتصادي، وعلى العكس من ذلك فإن الحكومات الفاسدة والفاشلة والسياسات الاقتصادية الخاطئة يمكن أن تُجهِز على اقتصاد قوي وتدمره بسرعة! فدولة مثل (أفريقيا الوسطى) بسبب تعاقب الحكومات السيئة عليها، أصبحت في فقر مدقع، حتى وصل الأمر إلى أن رئيس الوزراء فيها أراد أن يستعين بأحد المواطنين ليكون مستشارًا اقتصاديًّا له، فلم يجد! فالبلد السيئ الحكم لا يكاد يوجد فيه متعلمون، والنسبة القليلة من المتعلمين فيه تهرب إلى الخارج، حتى رئيس وزراء أفريقيا الوسطى نفسه كان بالخارج وعاد ليتولَّى الحكم! وبالتالي فإن هروب العقول إلى الخارج نتيجة سوء الحكومات يضعف بشكل كبير أي مساعٍ في اتجاه تحقيق نمو اقتصادي وتنمية حقيقية في البلد.
وإلى جانب الحكم السيئ، فإن البلدان الحبيسة (التي ليس لها منفذ على البحر أو المحيط) المحاطة بجيران سيئين تفقد 50% من عوامل النمو بسبب هؤلاء الجيران السيئين، فالفارق الذي جعل “أوغندا” دولة فقيرة و”سويسرا” دولة غنية، رغم أن كلتيهما دولة حبيسة، أن سويسرا اعتمدت على البنى التحتية لكل من إيطاليا وألمانيا والنمسا وفرنسا من أجل الوصول إلى البحر وبالتبعية الوصول بمنتجاتها إلى الأسواق العالمية، بينما وصول أوغندا إلى البحر يعتمد على بنى تحتية ضعيفة ومتخلِّفة لكل من “الصومال” المنهار بشكل تام، و”الكونغو الديمقراطية” التي تحمل تاريخًا سيئًا جعلها تغيِّر اسمها من (زائير) إلى (الكونغو الديمقراطية) لتمحو هذا التاريخ، و”كينيا” التي تعاني منذ ثلاثة عقود، و”تنزانيا” المتهالكة، و”رواندا” التي كان يعيش شعبها حربًا أهلية، و”السودان” الذي يعجُّ بالمشكلات والخلافات والحروب الداخلية.
وبناءً على ذلك ففي الوقت الذي تستطيع فيه سويسرا أن تستخدم البنى التحتية المتطورة لدول الجوار من أجل الوصول إلى الأسواق العالمية وبتكاليف شحن ونقل رخيصة، فإن أوغندا لا تستطيع أن تستخدم الطرق المتهالكة لدولة مثل كينيا، أو أن تتحمَّل تكاليف الشحن والنقل الباهظة للوصول إلى الأسواق العالمية، كما أنها لا تستطيع أن تكيِّف اقتصادها ليخدم دول الجوار التي تكاد تنعدم فيها التنمية، وبالتالي إن لم تحقِّق دول الجوار نموًّا اقتصاديًّا وتسِرْ في اتجاه التنمية، فإن الدولة الحبيسة كأوغندا ستظل كما هي ولن تحقِّق هي الأخرى أي نمو اقتصادي يحقِّق لها تنمية حقيقية!
الفكرة من كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
بول كوليير هو اقتصادي بريطاني، يعمل في مجال التطوير الاقتصادي، حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، ويشغل منصب أستاذ في معهد الدراسات السياسية، وأستاذ زميل في كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد البريطانية، وهو متخصص في المآزق السياسية والاقتصادية والتنموية للدول المنخفضة الدخل، وقد أسس مركز دراسة الاقتصادات الأفريقية وظل مديرًا له حتى عام 2014، له عديد من المقالات واللقاءات الصحفية والفيديوهات، ومن كتبه المترجمة إلى اللغة العربية:
مليار نسمة تحت خط الفقر.
الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا؟
ومن كتبه باللغة الإنجليزية:
The Plundered Planet: Why We Must, and How We Can, Manage Nature for Global Prosperity.
Plundered Nations? Successes and Failures in Natural Resources.
معلومات عن المترجم:
هيثم جودت نشواتي: مترجم، ترجم عددًا من الكتب، منها:
السلحفاة.. التاريخ الطبيعي والثقافي.
رواية “الطريق” بالاشتراك مع المترجم “معين محمد الإمام”.
مليار نسمة تحت خط الفقر.