فخ الحرب الأهلية
فخ الحرب الأهلية
إن الحروب بشكلٍ عام (دولية أو أهلية) تعترض سبيل أي نمو اقتصادي، والغالبية العظمى من شعوب الدول التي تعيش تحت خط الفقر إما أنها عاشت في وقت من الأوقات حربًا أهلية، أو ما زالت تعيش أحد فصولها، والحرب الأهلية: هي حرب يُقتل فيها آلاف من البشر من طرفي الصراع، وبالتالي فهي تختلف عن أعمال العنف “الطائفية” التي يُقتل فيها نحو 100 شخص.
وبالاعتماد على الاقتصاد الاجتماعي فإنه يمكننا أن نتنبَّأ باحتمالية نشوب حرب أهلية في بلدٍ من البلدان التي يعيش فيها المليار نسمة، إذ إن القاعدة الأساسية التي تؤجج نار الحرب الأهلية هي “انخفاض مستوى دخل الفرد”، فالبلاد التي يعيش أفرادها تحت خطر الفقر هي بلدان مستوى الدخل فيها منخفض جدًّا، وبالتالي هناك علاقة عكسية بين انخفاض مستوى الدخل وزيادة احتمالية نشوب حرب أهلية في تلك البلدان، فإذا كنت تقرأ الصحف أو تشاهد نشرات الأخبار، ستجد أن البلدان التي تقع في فخ الحروب والصراعات الأهلية هي غالبًا بلدان فقيرة، وإلى جانب مستوى الدخل المنخفض، فإن “النمو البطيء” للاقتصاد، أو الركود الاقتصادي، أو تدهور الاقتصاد من العوامل الكامنة القادرة على إشعال فتيل الحرب الأهلية، إذ يهرب المستثمرون من تلك البلدان خوفًا من الخسارة، وبهروب المستثمرين يصبح الاقتصاد ضعيفًا ما يتيح فرصة التمرُّد على الدولة والاستيلاء على السلطة.
قال قائد التمرد في الكونغو الديمقراطية -زائير سابقًا- “لورنت كابيلا”: “إن كل الناس في زائير فقراء، لدرجة أنك تستطيع أن تستأجر لنفسك جيشًا صغير العدد مقابل مبلغ 10 آلاف دولار أمريكي، وتستطيع بهذا الجيش الصغير وبهاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية أن تستولي على الحكم”.
والغرض من هذا الهاتف الذي يعمل عبر الأقمار الصناعية أن يعقد المتمرِّدون الصفقات مع الشركات العالمية التي تهمُّها الثروات الطبيعية في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، فيبيع المتمردون المواد الخام لهم مقابل الحصول على النقود التي تساعدهم على تمويل حركة التمرد وإطالة أمد الصراع من أجل الوصول إلى السلطة، وبناءً على ذلك فإن مستوى الدخل المنخفض، والنمو البطيء للاقتصاد، والتعويل على الثروات الطبيعية يجعل البلد الفقير نزَّاعًا إلى إشعال فتيل الحرب الأهلية.
الفكرة من كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
يدور الكتاب حول مجموعة من الفخاخ التي جعلت مجموعة من الدول في أفريقيا ووسط آسيا (كملاوي وسيراليون) وغيرهما، تقبع في أسفل العالم، تلك الدول التي لا تعيش تحت خط الفقر وحسب، بل وفاشلة في تحقيق أي نمو اقتصادي مقارنةً بالدول النامية والدول المتقدمة، ما يزيدها فقرًا فوق الفقر الذي تعيش فيه يومًا بعد يومٍ، فهي بلدان في الحقيقة تعيش في مهب الريح، وتهيم على غير هُدى، فبعض هذه الدول لم تقتصر القضية معها على السقوط في الخلف فقط، بل سقطت بعيدًا وأغرقت في السقوط، ومن هنا يبين لنا الكاتب معالم الفخاخ التي أدت إلى سقوط تلك الدول، وبالتبعية إلى سقوط مليار نسمة من سكان العالم في الفقر المدقع، ما كوَّن عالمًا مصغرًا مملوءًا بالتعاسة والفقر والاستياء!
مؤلف كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
بول كوليير هو اقتصادي بريطاني، يعمل في مجال التطوير الاقتصادي، حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، ويشغل منصب أستاذ في معهد الدراسات السياسية، وأستاذ زميل في كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد البريطانية، وهو متخصص في المآزق السياسية والاقتصادية والتنموية للدول المنخفضة الدخل، وقد أسس مركز دراسة الاقتصادات الأفريقية وظل مديرًا له حتى عام 2014، له عديد من المقالات واللقاءات الصحفية والفيديوهات، ومن كتبه المترجمة إلى اللغة العربية:
مليار نسمة تحت خط الفقر.
الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا؟
ومن كتبه باللغة الإنجليزية:
The Plundered Planet: Why We Must, and How We Can, Manage Nature for Global Prosperity.
Plundered Nations? Successes and Failures in Natural Resources.
معلومات عن المترجم:
هيثم جودت نشواتي: مترجم، ترجم عددًا من الكتب، منها:
السلحفاة.. التاريخ الطبيعي والثقافي.
رواية “الطريق” بالاشتراك مع المترجم “معين محمد الإمام”.
مليار نسمة تحت خط الفقر.