نماذج مثالية
نماذج مثالية
استطاع النمل أن يمثل بدورة حياته صفات أخلاقية كثيرة يحتذي بها بين البشر، كما توضح أشهر الروايات لأيسوب ولافونتين، وغيرهم من المفسرين، عن قصة النملة العاملة والجنادب الكسول وكيف يستخرج منها أحكامًا أخلاقية مثل المثابرة والجدية وتأمين الغد، وأخذت هذه الدروس والعبر تتناقل حتى عن طريق الكتاب المقدس وقصة سيدنا سليمان، موضحًا أن الطبيعة تبين لنا حكمة وعظمة وقدرة الله، وفي القرن الثامن والتاسع عشر حتى القرن الحادي والعشرين كانت كتب الأطفال وأدب الرحلات تصوَّر أن حياة النمل هي معرفة ونقل أوامر الله لنا.
قام اللاهوتيون الطبيعيون في القرن التاسع عشر بتقديم بعض من القيم المستمدة من عالم النمل نظرًا إلى أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين سلوكهم ونجاح عملهم في بناء المستعمرة، ويذكر أنه كان في العصر الفيكتوري هوس شائع بالحياة العائلية المأخوذة من حياة الحيوانات وكانت حياة النمل هي أفضل مثال، حيث كان المنزل لديهم مصدرًا لتعليم الأخلاق والدين، ومن خلاله تستمد المبادئ الأخلاقية التي يبنى عليها المجتمع مثل “العون المتبادل”.
في القرن العشرين أصبح مجتمع النمل هو غاية المثالية والتنظيم للكتاب والباحثين، وأصبح مقياس للارتقاء المجتمع البشري ونقطة مهمة للربط بين النمل وعلم تحسين النسل، ومع دراسة مهام النمل واكتشاف أن من يملك زمام السلطة والقوة في المستعمرة هي النملة الأنثى “الملكة”، كان هناك رفض لمهنة الملكة وتقبل مهنة الأمومة، كما كانت ألمانيا البلد الوحيدة التي تحمي النمل بالقانون واعتباره جزءًا مهمًّا من المجتمع، وكان هذا أكبر درجات الاحترام للنمل.
الفكرة من كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
نقر جميعًا بالحدود المرسومة لكل مكان وجد على الخريطة الطبيعية للعالم، إذ أصبح للإنسان مع مرور الزمن حدود لا يستطيع تجاوزها وفقًا لقوانين الطبيعة أو قوانين الإنسان الآخر، ولكن من العجيب أن نجد كائنًا آخر يملك بعض الصلاحيات التي امتلكها الإنسان دون باقي الكائنات الحية الموجودة على الأرض!
يتحدث هذا الكتاب عن حشرة النملة وقدرتها العجيبة على خلق حياة دقيقة مماثلة للحياة البشرية، بل تفوقها بمراحل كما تروي القصص والأساطير الخرافية، ورغم صغر هذه الحشرة وضآلتها فإنها الكائن الوحيد على وجه الأرض وباطنه الذي لا يستطيع أحد وضع الحدود الرسمية له والحد من بناء مستعمراته الممتدة والمتصلة تحت الأرض، حيث تثبت لنا النملة أن أي مكان لم يستطِع الإنسان ضمه إلى الحدود فوق الأرض استطاع النمل فعل هذا تحت الأرض.
مؤلف كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
شارلوت سلي : درست التاريخ وفلسفة العلوم في جامعة كامبريدج، وبعدها حصلت على أستاذ مساعد زائر لمدة عام واحد في جامعة كاليفورنيا، وبعد ذلك تولَّت منصب محاضرة في كلية التاريخ بجامعة كنت في كانتربري عام 2003، وكان محتوى تدريس شارلوت فيها عن العلوم والأدب والمجتمع الفيكتوري وتاريخ الحيوانات وتاريخ الجسد في القرن العشرين، وقد عرفت شارلوت بلقب “المرأة النملة” بسبب أبحاثها في علم النمل، كما اشتملت اهتماماتها البحثية “علوم الحياة” على مدار 150 عامًا الماضية، وأصدرت شارلوت عدة أبحاث ومقالات مختلفة في العلوم والحيوانات وبعض الكتب مثل:
The Paper Zoo: 500 Years of Animals in Art.
Six Legs Better: A Cultural History of Myrmecology.
Literature and Science.
معلومات عن المترجم:
معين الإمام: من سوريا، وأسهم في ترجمات كثيرة كانت ثروة للمكتبة العربية، ومن ضمنها:
الطريق.
جرأة الأمل: أفكار من استعادة الحلم الأمريكي.
النظام السياسي والانحطاط السياسي: من الثورة الصناعية إلى عولمة الديمقراطية.