مملكة النمل
مملكة النمل
مما يثير الدهشة داخل حياة النملة هو التشابه الكبير بينها وبين البشر، حيث يعتمد كلا الكائنين على التفاعل الاجتماعي القائم بين الأفراد، وهذا التفاعل بالنسبة للنمل قائم على الصفات التي تتمتع بها عن غيرها كحشرة، إذ إنها ذكية وتمتلك قدرة تنظيمية ودفاعية هائلة وأعدادها ضخمة تفوق البشر، وهذا يوضح قول العالم الروماني بليني: “إن النمل لو بلغ حجم الخراف لحكم الأرض ومن عليها”، وهذا يبين السلوك الدقيق لطبيعة حياة النمل، حيث تنتمي النملة إلى طائفة النحل والدبابير، وهي من رتبة غشائيات الأجنحة بين الحشرات، وتنقسم عائلة النمل إلى ثلاثمائة جنس في بقاع مختلفة بعيدة عن الأماكن القطبية، كما أن هناك أيضًا الآلاف من أنواع النمل تتنوَّع بين أحجام مختلفة من 0,7 مم إلى
3 سم.
تقوم دولة النمل على اختلاف مهام كل فرد أو مجموعة داخل المستعمرة، إذ يوجد الملكة النملة وتتمحور مهمتها حول وضع البيض، ويعتمد بقاؤها حية على بقاء المستعمرة، وعادةً ما يبلغ عمرها من 5 إلى 20 عامًا، ثم تأتي بعدها العاملات الإناث، ومهمتها رعاية البيض والصغار، أما ذكور النمل فلا تؤدي مهمة غير التلقيح، كما يوجد خارج المستعمرة العاملات العقيمات، ومهمتها جمع الطعام وحماية المستعمرة والدفاع عنها.
ويوضِّح الكاتب أن الحياة العملية للنمل متشابهة إلى حد كبير مع البشر، وتتمتَّع بمراحل مختلفة من النضج وقدرة هائلة على فعل 20 إلى 40 عملًا سلوكيًّا مختلفًا، كما يستطيع النمل عند القيام بمهمة الحماية والدفاع أن يتحقق من هويات النمل، والتأكد من عدم وجود نملة غريبة، وعندما يجد النمل أعداء يصدر تحذير عن طريق إفراز مادة الفيرمونات.
الفكرة من كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
نقر جميعًا بالحدود المرسومة لكل مكان وجد على الخريطة الطبيعية للعالم، إذ أصبح للإنسان مع مرور الزمن حدود لا يستطيع تجاوزها وفقًا لقوانين الطبيعة أو قوانين الإنسان الآخر، ولكن من العجيب أن نجد كائنًا آخر يملك بعض الصلاحيات التي امتلكها الإنسان دون باقي الكائنات الحية الموجودة على الأرض!
يتحدث هذا الكتاب عن حشرة النملة وقدرتها العجيبة على خلق حياة دقيقة مماثلة للحياة البشرية، بل تفوقها بمراحل كما تروي القصص والأساطير الخرافية، ورغم صغر هذه الحشرة وضآلتها فإنها الكائن الوحيد على وجه الأرض وباطنه الذي لا يستطيع أحد وضع الحدود الرسمية له والحد من بناء مستعمراته الممتدة والمتصلة تحت الأرض، حيث تثبت لنا النملة أن أي مكان لم يستطِع الإنسان ضمه إلى الحدود فوق الأرض استطاع النمل فعل هذا تحت الأرض.
مؤلف كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
شارلوت سلي : درست التاريخ وفلسفة العلوم في جامعة كامبريدج، وبعدها حصلت على أستاذ مساعد زائر لمدة عام واحد في جامعة كاليفورنيا، وبعد ذلك تولَّت منصب محاضرة في كلية التاريخ بجامعة كنت في كانتربري عام 2003، وكان محتوى تدريس شارلوت فيها عن العلوم والأدب والمجتمع الفيكتوري وتاريخ الحيوانات وتاريخ الجسد في القرن العشرين، وقد عرفت شارلوت بلقب “المرأة النملة” بسبب أبحاثها في علم النمل، كما اشتملت اهتماماتها البحثية “علوم الحياة” على مدار 150 عامًا الماضية، وأصدرت شارلوت عدة أبحاث ومقالات مختلفة في العلوم والحيوانات وبعض الكتب مثل:
The Paper Zoo: 500 Years of Animals in Art.
Six Legs Better: A Cultural History of Myrmecology.
Literature and Science.
معلومات عن المترجم:
معين الإمام: من سوريا، وأسهم في ترجمات كثيرة كانت ثروة للمكتبة العربية، ومن ضمنها:
الطريق.
جرأة الأمل: أفكار من استعادة الحلم الأمريكي.
النظام السياسي والانحطاط السياسي: من الثورة الصناعية إلى عولمة الديمقراطية.