التحوُّل الكبير
التحوُّل الكبير
سيستردُّ الذهب عرشه يومًا ما من العملات النقدية، فالاحتياطي الفيدرالي تجاوز نقطة اللاعودة وأصبح لزامًا عليه أن يكمل طريق الكارثة حتى نهايته، لذا فعلى النظام المالي العالمي أن يجد سبيله بعيدًا عن الدولار إما بعقيدة الصدمة وسياسة الفوضى الخلاقة عقب الأزمات العالمية، أو باتباع سياسة النفس الطويل والإعداد لنظام مالي عالمي جديد قبل وقوع أزمة ثقة عالمية تعصف بالجميع، لا سيما في ظل المنافسة القائمة وبروز الصين كقوة عظمى تستهدف سحب بساط السيادة من تحت أقدام الولايات المتحدة الأمريكية.
ولعلَّ أشهر التحولات الكبيرة في التاريخ الحديث هو مؤتمر بريتون وودز عام 1944م بعد الحرب العالمية الثانية، ما يؤكد إمكانية إحداث أي تحولات كبيرة في النظام المالي إذا اتفق الشركاء الاقتصاديون وبخاصةٍ في ظل وجود كيانات دولية عملاقة تمارس سلطة الإشراف المالي العالمي، إضافةً إلى ضرورة إعادة النظر من جديد في النظام المالي القائم في ظل تعاظم محفظة الديون وميزانيات المصارف المركزية وتناقص الثقة في نظم المدفوعات الدولية.
ولعلَّ بوادر هذا التحول وإن كانت تتم عبر وتيرة بطيئة نوعًا ما لتقليل حجم الأضرار قدر المستطاع، إلا أنها باتت واضحة للجميع، فبعد الأزمة المالية العالمية 2008 أوقفت الصين شراء السندات الأمريكية في العام 2010، واتجهت ناحية الاستثمار في الذهب، كما فعلت روسيا نفس الشيء تقريبًا، وهو ما استدعى شن الولايات المتحدة الأمريكية حربًا ضروسًا على الذهب، إدراكًا منها لخطورة هذا التحول على ثقلها العالمي ومستقبلها السيادي، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن عملية التحول تلك سواء قامت عن طريق الولايات المتحدة نفسها كما حدث في بريتون وودز أو عن طريق غيرها من الأطراف الفاعلة ليس بالضرورة أن تستند إلى الصدام الكامل مع النظام القائم بصورة مباشرة، فالأمر يجب أن يحوي قدرًا من المرونة لا سيما أن الأدوات المالية القائمة تتيح هذا الخيار والتاريخ الاقتصادي العالمي يشهد بذلك.ش
الفكرة من كتاب الانهيار الكبير: حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي
اللعبة ستنتهي يومًا ما، الكل يعلم تلك الحقيقة مسبقًا ولكن مع ذلك يستمرون في اللعب! فالأوراق البنكية التي نتعامل بها اليوم بيعًا وشراءً ليست من المال في شيء، فما هي إلا مجرد لعبة تم إجبار العالم على اللعب وفقًا لقواعدها، ومما ساعد على استمرارها حتى وقت قراءتك لتلك الكلمات هو أن فئة قليلة من المهتمين بالشأن المالي هم من يعرفون الحقيقة، ولكي تعرف ما أرمي إليه بعد تلك المقدمة فهيا لأحكي لك الحكاية من بدايتها.
مؤلف كتاب الانهيار الكبير: حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي
ويليم ميدلكوب : هو رجل أعمال ومعلِّق سابق في سوق الأوراق المالية، وُلِد في أغسطس عام 1962م في سويسرا لأبوين هولنديين، وتعلَّم صناعة الملابس في أمستردام وعمل بين عامي 1980 و2000 مصورًا صحفيًّا، وبين عامي 1998 و2000 كان رئيس تحرير الصور في جريدة محلية، بالإضافة إلى ذلك عمل ميدلكوب لفترة وجيزة كمراسل في عام 1991 أثناء بدء قناة مدينة أمستردام AT5، وبدأ بعد ذلك رحلة استثمار في العقارات، كما أسَّس متجرًا للراغبين بالاستثمار في الذهب، وهو أيضًا عضو المجلس الاستشاري لمركز الأبحاث الاقتصادي بلندن.
له العديد من المؤلفات، ومنها: “عندما ينخفض الدولار”، و”أزمة النفط الدائمة”، و”النجاة من أزمة الائتمان”.
معلومات عن المترجم:
ابتسام محمد الخضراء: قامت بترجمة العديد من الأعمال، ومنها “الانهيار الكبير”، و”السعادة: مقدمة مختصرة جدًّا”، و”السببية: مقدمة شديدة الاختصار”.