مدلَّلات القصور
مدلَّلات القصور
أينقلب حال الجارية من أن تكون مملوكة إلى أن تكون مالكة!
إن كنا نتحدث عن شجرة الدر فنعم، كانت جارية للملك الصالح في مصر أحبها وأصبحت شريكته في السلم والحرب ومستشارته الأولى وصاحبته في السراء والضراء، وقفت معه ضد أخيه الذي تولى ملكه اغتصابًا وبأمر من والده حتى عاد المُلك إليه، وأخفت خبر وفاة زوجها عن الناس أيام الحملة الصليبية على مصر وتولَّت هي متابعة أحداث الحملة وتسيير الجيوش ودعم الناس، وعندما تولَّت الحكم فيما بعد ازدهرت الحياة في عصرها ونعم الناس بقيادتها، بل وتعدَّى نفعها حتى وصل أرض الحجاز حيث كانت تسير المحامل كل عام من مصر في موسم الحج محملة بالمؤن والأموال وكسوة الكعبة، ولكن على الرغم من ذلك كله فإن غيرة النساء أودت برجاحة عقلها وصلاح رأيها، فقد تزوَّجت بعد وفاة زوجها من الأمير عز الدين أيبك، الذي رغب في الزواج من ابنة الملك بدر الدين لؤلؤ صاحب مدينة الموصل بعد استقرار أمور الحكم له، فاشتعلت نار الغيرة وساءت الأمور بين الزوجين كثيرًا حتى وصلت إلى أن تخلَّصت شجرة الدر من زوجها فتخلَّص منها أنصاره!
تختلف نهاية بلقيس ملكة سبأ عن نهاية شجرة الدر، فبلق يس كانت حكيمة حازمة راجحة العقل صائبة الرأي أيضًا وكانت ملكة مطاعة في سبأ في اليمن وهي أول من اتخذ من سبأ مقرًّا للحكم.
كان قومها يعبدون الشمس من دون الله، وكانت زمان سليمان (عليه السلام) فبلغه ذلك فأرسل إليهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده وعندما شاورت بلقيس قومها في ذلك اقترحوا عليها البأس والقوة إلا أنها لم تستمع لهم وأرسلت ترد بالهدايا على سليمان (عليه السلام).
لم يتقبَّل سليمان الهدايا بل توعدهم وهددهم، وأثناء توجه بلقيس بجنودها لملاقاة سليمان (عليه السلام)، سبقها عرشها إلى هناك بأمر منه وتدبير، وما إن رأت عرشها وما بلغه ملك سليمان من عجيب التقدم والتطور حتى أسلمت معه لله سبحانه وخضعت خضوعًا سطره القرآن وأشار إليه فهو باقٍ إلى أن تقوم الساعة.
امرأة أخرى سكنت القصور وسكنت السطور، فسطر القرآن ذكرها وجمعها بمريم في صفحة واحدة، وهي آسية بنت مزاحم امرأة فرعون عدو الله، حيث بلغ من عذاب الطاغية أن يقيِّد زوجته بالأوتاد ويلقيها في الشمس ويضع على ظهرها صخرة كبيرة تكتوي بنارها لأنها فقط أسلمت لمَّا رأت الآيات الباهرات التي ساقها الله على يد موسى (عليه السلام)، فأبدلها الله قصر فرعون بيتًا في جنات النعيم.
الفكرة من كتاب من شهيرات النساء
جاهلٌ من اتهم التاريخ العربي والإسلامي بخلوه من النماذج النسائية الباهرة والمتميزة، وفي هذا الكتاب يطوِّف بنا مؤلفه على سير بعض النساء اللاتي عدَّهن من شهيرات النساء قديمًا وحتى فترة قريبة معاصرة.
مؤلف كتاب من شهيرات النساء
سامي عبد الرحمن قباجة: من المهتمين بالكتابة في القصص والسير، وله عدة مؤلفات منها:
من قصص الصالحين.
أقوال وحكم من درر السلف.