زَاهدات مؤثرات
زَاهدات مؤثرات
ملف التصوف ملف شائك مُختَلفٌ عليه، يتفق فيه من يتفق ويختلف عليه من يختلف وليس هو قضيتنا الآن، وإنما الحديث هنا عن سيدة زاهدة متصوِّفة اعتزلت الناس وتفرغت للعبادة والمحبة الإلهية!
لا بد أن يكون قد مر علينا هذا الاسم “رابعة العدوية” التي اشتهرت على أنها مصرية، وعلى الرغم من اختلاف آراء الباحثين على تحديد هويتها، فإنها عاشت في البصرة حيث ولدت في بيت فقير، يتيمة الأب ثم الأم، مشتَّتة الأسرة بعد أن تفرَّق إخوتها بعد جفاف حدث في البصرة، وكانت فتاة جميلة حسنة المظهر والصوت ثم تابت بعد ذلك وأدَّت فريضة الحج أكثر من مرة، تقول خادمتها: “كانت لرابعة أحوال شتى: فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها اليأس وتارة يغلب عليها البسط، ومرة يغلب عليها الخوف”، وكل هذا في علاقتها بالله سبحانه، إلا أن نزعة التصوف والعشق الإلهي -كما يطلقون عليه- كانت صبغتها ولازمتها، وكانت حالها تلك سبب اختلاف المؤرخين عليها بين من وقف معها ومن وقف ضدها لشدة مغالاتها ومبالغتها فيما تصنعه وتصفه وتمر به، روى عنها المناوي أن جماعة دخلوا عليها يعودونها من مرض بها فسألوها: ما حالك؟ قالت: والله ما عرفت لعلَّتي سببًا، عُرضت عليَّ الجنة فمِلت بقلبي إليها، فأحسست أن مولاي غار عليَّ فعاتبني، فله العتبى”، تعني أن الله عاتبها لهذا الميل فقرَّرت أن تتوب وألا تعود إلى هذا الميل أبدًا.
زاهدة أخرى وهذه المرة في مصر اتفاقًا ألا وهي” نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي”؛ لُقِّبت بـ”نفيسة العلم”، حيث كانت تذهب إلى المسجد النبوي عندما كانت تسكن المدينة وتتلقَّى العلم هناك على أيدي الشيوخ والعلماء، وكانت فيما بعد تحفظ القرآن وتفسِّره.
تزوَّجت إسحاق المؤتمن ابن جعفر الصادق، وحتى بعد زواجها كانت زاهدة مستغنية عما لاينفعها في أُخراها من متاع الدنيا، وحين سكنت مصر هي وزوجها وشغلها تعليم الناس عن أورادها من العبادة كادت أن تنتقل عائدة إلى المدينة، ولكن الناس أصروا على بقائها فضمن لها الوالي وقتها ووهبها دارًا أوسع من الدار التي كانت تسكنها وحدَّد يومين في الأسبوع للناس يزورونها فيها لطلب العلم والنصح. بلغ من تأثير تلك الزاهدة أنها أثنت ابن طولون عن أفعاله بالناس بعدما استفشى ظلمه وبطشه فيهم برسالة بعثتها إليه ختمتها بقولها: “فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا إلى الله متظلِّمون وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون”.
الفكرة من كتاب من شهيرات النساء
جاهلٌ من اتهم التاريخ العربي والإسلامي بخلوه من النماذج النسائية الباهرة والمتميزة، وفي هذا الكتاب يطوِّف بنا مؤلفه على سير بعض النساء اللاتي عدَّهن من شهيرات النساء قديمًا وحتى فترة قريبة معاصرة.
مؤلف كتاب من شهيرات النساء
سامي عبد الرحمن قباجة: من المهتمين بالكتابة في القصص والسير، وله عدة مؤلفات منها:
من قصص الصالحين.
أقوال وحكم من درر السلف.