التجديد الصريح في العلوم الإسلامية
التجديد الصريح في العلوم الإسلامية
يعدُّ فكر التجديد أمرًا أصيلًا من معارفنا وثقافتنا وديننا، ونحن نؤمن بتعرُّض كل شيء للتغيير وعدم ثباته ما عدا خالق الوجود؛ الله (عز وجل)، فكل شيء يتقادم ويبلى، حيث إن الزمن ينقلنا إلى النقطة التي يفنى بها كل شيء، ويبقى وجه ربنا سبحانه، لذلك نحتاج أن نعود إلى سنن الإصلاح الصريحة، ومن أولى الرحمات التي أنعم الله بها علينا القرآن الكريم، وأنعم الله علينا وعلى البشرية كلها بتعهُّد حفظ كتابه الذي أنزله ولم يوكل أمره إلى الربانيين ولا الرُهبان، فأفكارُنا قد تشكَّلت منذ عهد التلقي حول هذا الكتاب، فالعرب أمة لم تعرف قبل هذا الكتاب علمًا ولا تشريعات، والكتابات القليلة التي أتقنها بعض الكاتبيين العرب ارتبطت بالبيئات التجارية وبعض الأماكن الجغرافية المعروفة، وأيام من التاريخ، وكل هذا كان يتمثل في قصص متداولة شفهية حتى جاء القرآن وصار مصدر العلم والمعرفة.
كل هذا كان لرد المعارف إلى أصولها وثوابتها، وإعادتها إلى مرجعية القرآن الكريم والتصديق عليها، والهيمنة بالقرآن الكريم على جوانبها المختلفة حتى تعود إلى العطاء السليم والنتائج المفيدة، وبالعمل الجاد فقط نصحِّح المسار للفكر والمعارف النقلية مستعينين بالله (جل شأنه)، مهتدين أيضًا بالسنة النبوية، وذلك بناء على ما وجهت إليه السنة النبوية، فكرًا وسلوكًا وتنشئةً صالحةً للأجيال والمجتمعات على القيم الصحيحة والأخلاق الفاضلة، ولأجل حماية شباب الأمة من كل عوامل التفكيك والانحراف، وإحياء تراث السنة النبوية وتقريبه إلى الناس عن طريق أخذه من مصادره الأصلية لتفادي الموضوعات والتحريفات والدسائس، كل هذا لأجل تنقيحه من الدخيل المكذوب، ومراعاة المدلولات اللغوية للنص لكي لا يحدث خلل في النص.
الفكرة من كتاب مقالات في التجديد
كثيرًا ما نسمع الأصوات التي تنادي وتناشد دائمًا بالتجديد الفكري، وأحيانًا بإلغاء الخطاب الديني والتخلُّص من جمود النصوص، فهم يرون أن الخطاب الديني هو أزمة الفكر، أو أنه سبب أزمة تخلُّف المسلمين في الحضارات العربية، وأنه ليس هناك حل لتلك الأزمة إلا بهدمها، وهؤلاء المدَّعون بعلو الثقافة لا يفصحون عن مقتضى هذه الدعوة، أو ما هو اللزوم المنطقي الصحيح لبناء هذه الحجة، سوى غرض واحد فقط هو دائمًا إظهار أن الأزهر ليس سوى متحف تاريخي للعرض، وهدم كل تجلياته العلمية والروحية والثقافية.
مؤلف كتاب مقالات في التجديد
الإمام الأكبر أحمد محمد أحمد الطيب: الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وهو أستاذ العقيدة والفلسفة، ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وقد قام بترجمة كتب كثيرة من المراجع الفرنسية إلى العربية، ولديه مؤلفات عديدة في الفقه والشريعة والتصوف، ومن أشهر مؤلفاته: “الجانب النقدي في فلسفة أبي بكر البغدادي”، و”أصول نظرية العلم عند الأشعري”.