الرحالة في العصور القديمة والمتوسطة
الرحالة في العصور القديمة والمتوسطة
الشغف بالرحلة واكتشاف المجهول قديم قدم الإنسان، فقد سجل المصريون القدماء رحلاتهم على جدران المعابد، وركب الفينيقيون المحيط الأطلسي، وللإغريق كشوف جغرافية على سواحل البحر المتوسط، وكان هيرودوت من أوائل من ارتحلوا إلى مصر وسوريا وبلاد الرافدين، وبعده جاء ديودور المغرم بالأساطير المصرية، ثم بلوتارك الذي عني بتاريخ روما وأثينا وألهمت كتاباته مسرحيات شكسبير. أما العرب قبل الإسلام فقد قاموا برحلات إلى اليمن والشام والعراق والحبشة لأغراض تجارية، ولا تكاد تخلو قصيدة عربية أو قطعة نثرية من ذكر السفر ووصف وسائله من فرس وناقة، ويُذكر أنهم عرفوا الملاحة وركبوا البحر.
كانت الرحلات في العصور الوسطى أبعد مسافة وأعمق أثرًا، حيث كانت كتابات الرحالة في ذلك العصر تمثل البدايات الأولية لظاهرة الاستشراق، وتوجِّه اهتمام الغرب الفقير نحو الشرق الثري! وأخذت كتابات الرحالة طابع عصرها من الجمود الديني والانحياز القومي والجنوح إلى الخيال والإغراق في الأساطير والخرافة، وقد توزَّعت بواعث الارتحال على أغراض كثيرة، مثل توافد حجاج النصارى إلى فلسطين للتبرُّك بكنيسة القيامة حتى جُعِلت هذه الشعيرة وسيلة للغفران وجزءًا من أعمال التوبة. وتبوَّأت الرحلات التجارية مكانة مهمة إبان الحروب الصليبية، ومن الأوروبيين من هاجر إلى الشرق بُغية الاستقرار به وطلبًا للعيش الرغيد فيه وفرارًا من الرقِّ السياسي والديني في بلاده، ومن بواعث السفر المهمة كذلك عمليات التبشير ونشر المسيحية أو التجسُّس على بلاد الشرق لمعرفة مواطن الضعف فيها تمهيدًا للسيطرة على خيراتها، ومع انتهاء العصر الوسيط وبداية عصر النهضة بدأت تتوافد البعثات العلمية نحو الشرق، وكان من أشهر رحالة العصور الوسطى: دانيال وفتيلوس وماركو بولو.
الفكرة من كتاب كتابات الرحالة مصدر تاريخي
يقول ابن خلدون: “فالرحلة لا بد منها في طلب العلم ولاكتساب الفوائد، والكمال بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال”، وكتابات الرحالة ذاكرة تاريخية مهمة وإن كانت لا تُصنَّف ضمن كتب التاريخ لكنها حوت معلوماتٍ مفيدة للغاية لدارس التاريخ لأن الرحالة يدوِّن الأحداث التي استهوته خلال الرحلة ويصف المعالم والآثار التي شاهدها ويحلِّل عادات وتقاليد القوم الذين عاينهم ويرسم أنماط حياتهم الاجتماعية والسياسية، ما يقلُّ الالتفات إليه من جانب المؤرخين المعنيين بتسجيل الأحداث الكبيرة وسير العظماء.
مؤلف كتاب كتابات الرحالة مصدر تاريخي
الدكتور علي عفيفي غازي: ولد في ١٥ فبراير ١٩٧٩، وحصل على ليسانس الآداب في التاريخ من جامعة الإسكندرية ثم شهادة الماجستير في الآداب من قسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكان موضوع رسالته للدكتوراه “رؤية الرحالة لقيم وعادات عشائر العراق (١٨٠٠ – ١٩٥٨)”، وعمل مديرًا لمكاتب جريدة “الشرق العربي” بجمهورية مصر العربية منذ يناير ٢٠٠٧ ومشرفًا عامًّا على جريدة “أخبار كفر الشيخ”، وهو عضو بالجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
أبرز مؤلفاته:
– رؤية الرحالة للمرأة البدوية في العراق والجزيرة العربية.
– الخط العربي في كتابات الرحالة الغربيين.
– الجزيرة العربية والعراق في استراتيجية محمد علي.