طيور الحُب
طيور الحُب
في وصف بسيط حقيقي يصف كاتبُنا صنفين من الرجال، وصنفين من النساء، فهناك نساء كالمُدن وأُخريات كالصحراء، فالمرأة المدينة لا تكفُّ عن العطاء، أبوابها مفتوحة، وستائرها مُسدلة، أما المرأة الصحراء فما هي إلا كُثبان رملية خالية يشتد بك الظمأ معها، والرجال منهم الرجل البحر، ومنهم الرجل البُحيرة، فالرجل البحر مهما أُلقي فيه من الأكدار يبقى سطحه هادئًا صافيًا، يحوي بداخله اللؤلؤ ويتحرَّك مع القمر والنجوم، أما الرجل البُحيرة فإنه راكد ينام ويصحو ولا يحلم.
وتختلف النتائج في اجتماع كل صنفٍ مع الآخر؛ فإذا اجتمع الرجل البحر مع المرأة الصحراء ضاع ماؤه في صحرائها وجفَّ، أو يبقى هناك فاصل بين الصحراء والبحر، لا يتداخلان أبدًا، وإذا تزوَّجت المرأة المدينة رجل البُحيرة، فستكون النتيجة توُّقف حركة المدينة، ورشاش الماء الذي تقذفه عجلات السيارات، والجنَّة في الأرض هي حينما يقترن رجل البحر مع امرأة المدينة، فليس هناك أجمل من أن يرقد البحر على مشارف المدينة، فيتمتع أهلها بالرياح البحرية، وبمنظر اتصال الأرض بالسماء، أما الجحيم فهو أن يجتمع رجل البُحيرة مع امرأة الصحراء!
وصدقت الحكمة القديمة التي تقول: “إن اختيار الرفيق يأتي قبل اختيار الطريق”، فإن الأرواح تبقى داخل الأجساد سجينة حتى تُحب، فإذا أحبَّت نبتت لتلك الأرواح أجنحة واستطاعت الطيران في جو السماء، والعطاء يُخفف الأحمال عن الإنسان فيجعله خفيفًا، والعطاء مع الحُب يجعل الإنسان طائرًا ماهرًا.
الفكرة من كتاب تأملات في عذوبة الكون
من منَّا الآن يندهش؟ يتعجَّب؟ يلقى في قلبه حرارة الجمال إن رأى أبسط المشاهد، هل فقد عصرنا اليوم الجمال؟ أم أننا فقدنا القُدرة على معرفة الجمال؟
حين خلق الله عز وجل الكون لم يجعله صغيرًا ضيِّقًا محدود المخلوقات والمظاهر والسُنن، بل كان كل شيء في تنوُّع واختلاف، ألوان، أشكال، روائح، والكثير من الأشياء التي تنعكس في النفس، فتُعزز جانب الفرح أو الحُزن، إلا أننا فقدنا القُدرة على الوقوف المؤقت اتجاه الأشياء، وتحريك أعيننا وقلوبنا اتجاهها، لذا اختزلنا هذا الكون الواسع فضاقت علينا نفوسنا.
بأسلوب شائق وجميل يأخذنا الكاتب في رحلة إلى كوننا الواسع لنتلمس معًا الكثير من الجماليات التي لم نلتفت إليها يومًا.
مؤلف كتاب تأملات في عذوبة الكون
أحمد شفيق بهجت (1932- 2011): أديب وصحفي مصري، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، عمل كاتبًا صحفيًّا في عدد من الصحف المصرية، ثم شغل منصب رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، ثم نائب رئيس التحرير للشؤون الفنية بجريدة الأهرام، قدَّم برنامج “كلمتين وبس” الذي طُرح على مدى 30 عامًا على إذاعة البرنامج العام.
من أبرز مؤلفاته: “مذكرات زوج”، و”مذكرات صائم”، و”أنبياء الله”، و”بحار الحب عند الصوفية”، و”ثانية واحدة من الحب”.