التلاوة والتدبر
التلاوة والتدبر
إن القرآن “راحة لقلبك وسكون لنفسك في زمان القلق”، وهو السكينة المفقودة في أزمنة التشتت والضجر، وهذا لما للقرآن من أثر عظيم في تحصيل السكينة، وتسكين الجوارح، وزوال الهم والغم والقلق. والقرآن حجة لك في الدنيا والآخرة، فأمَّا في الدنيا فإن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين، وفي الآخرة فإنه كما جاء في الحديث الشريف: “يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تتقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما”.
والتلاوة هي الوظيفة التي جاء بها النبي (صلى الله عليه وسلم)، تلاوة القرآن التي تبعث في القلب النور، والتي تمد بالحياة، تلك التلاوة التي تغمرنا بالجمال، وتكون طريقنا إلى التجارة الرابحة، فالذين يتلون كتاب الله حق تلاوته هم الذين يتبعونه في أوامره فيمتثلونها، وفي نواهيه فيتركونها، فالقرآن -كما يقول المؤلف- لا يشتغل حقيقة؛ “إلا إذا تحرك به قلب العبد المؤمن، فالمعاناة الإيمانية النابعة من صدق الإقبال على الله، وشدة الافتقار إليه تعالى؛ هي وحدها الكفيلة بتهيئة النفس وتصفيتها”.
ويقول الصحابي عبد الله بن مسعود: “من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن”، ويشير الكاتب إلى أن تثوير القرآن هو نوع من أنواع تعلم القرآن وتلقيه، ويقصد به مناقشة القرآن ومدارسته والبحث فيه، والتثوير لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر، إنما يمر بمراحل عدة، أولاها معرفة المعنى الإجمالي للآية، وثانيتها إثارة الأسئلة من القارئ على نفسه، وثالثتها مناقشة العلماء في تفسير الآيات الكريمة، والمرحلة الرابعة التأمُّل العميق بالاعتناء بعلوم السورة وعلوم الآية.
أما التفسير فهو بيان معاني القرآن العظيم وهذا البيان إما أن يصل إليه المفسِّر اجتهادًا، وإما أن يصل إليه تقليدًا، أما التدبُّر فأقرب ما يُقال في تعريفه أنه تأمل القرآن بقصد الاتعاظ والامتثال أو الوقوف مع الآيات والتأمل فيها والتفاعل معها للانتفاع بها، بينما التأثر ضرب من ضروب التدبُّر وهو ما يُسميه العلماء بـ”التدبُّر الوجداني”، فالتدبُّر عملية عقلية تحدث في الذهن، والتأثُّر انفعال في الجوارح والقلب قد يكون بسبب التدبُّر أو بسبب روعة القرآن ونظمه، أو حال الشخص في تلك اللحظة.
الفكرة من كتاب المشوِّق إلى القرآن
القرآن الكريم هو دستور المسلمين، الكتاب الذي أُنزل على نبي الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، فكان معجزته إلى العالمين، ختام الكتب السماوية لخاتم النبيين والمرسلين، وحي من رب السماوات والأرض أرسله إلينا كي نتعرض له ونحيا به ونموت عليه، يقول الله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
إنَّ المكتبة الإسلامية عامرة بالكتب التي تتحدَّث عن عظمة القرآن وأهميته وطرق تدبُّره والانتفاع به، وكتاب “المشوق إلى القرآن” يعد إحدى تلك المحاولات الجادة، الذي يهدف إلى بعث الشوق في نفس القارئ ليقبل على كتاب الله تعالى وينهل منه.
مؤلف كتاب المشوِّق إلى القرآنط
عمرو الشرقاوي: باحث مصري في مجال علم التفسير وعلوم القرآن، شارك في عدد من الأعمال العلمية المنشورة، كما أن له مقالات عديدة في علوم القرآن.
له عديد من الكتب والمؤلفات أبرزها:
الدليل إلى القرآن.
القرآن الكريم في حياة الآل والأصحاب.