عن حفظ القرآن وتفسيره وتدبره
عن حفظ القرآن وتفسيره وتدبره
لا ينبغي أن نحمل كل الناس على حفظ القرآن أو طلب العلم أو غير ذلك من فروض الكفاية، بل نوجِّه كل مسلمٍ إلى ما هو فرض عين عليه، ويحفظ كل واحد ما يقيم به صلاته وقدر ما يستطيع، مراعيًا أهمية الإتقان حفظًا وتلاوة، فمن وجد في نفسه همَّة حفِظ المفصَّل من القرآن (وهو من سورة ق إلى سورة الناس) مع الحرص على فهم المعنى، فإن أتمَّ ذلك انتقل إلى حفظ البقرة وآل عمران، ثم السور التي ثبت فضلها، ثم بقية المصحف، ودافعه لذلك كما ذكر في الكتابِ: “أن القرآن محفوظ، وحافظ المحفوظ محفوظ، مع ما ثبت من فضل حفظة القرآن، وكرامتهم عند الله، ليس هم فحسب، وإنما هم وآباؤهم”، ونقول لمن ختم القرآن حفظًا أن الله أراد به خيرًا حين وفَّقه لحفظ كتابه، فليكن على قدر المسؤولية وليتسم بأخلاق القرآن، وليحرص على مراجعة ما حفظ وفهمه والعمل به.
أما تعلم أحكام القراءة والتجويد التي تحفظ اللسان من اللحن الذي يفسد المعنى فأمرٌ واجب، لكن دراسة الأحكام المتعلقة بمخارج الحروف وصفاتها وأحكامها مما لا يؤدي الجهل بها إلى فساد المعنى عند القراءة فأمر مستحب لا واجب، وضبط تلاوة القرآن سببٌ للخشوع ومعينٌ على تدبر القرآن وفهم معانيه.
أما علم التفسير فهو علمٌ جليل وخطير ومن أصعب العلوم وأشرفِها، فهو بيان لمعاني القرآن العظيم، ويصل المفسر إلى ذلك البيان إما بالاجتهاد في فهم معنى الآية كما فعل الصحابة والتابعون وأتباعهم، وإما بالاجتهاد في الاختيار من أقوال المفسرين السابقين والبناء عليها مثل ابن جرير وابن عطية وكثيرين، والكلام في التفسير بغير علم افتراءٌ على الله وتجرؤٌ على كتابه، وإنما شُرع للناس التدبُّر وأُمِروا به وهو تأمُّل القرآن والوقوف مع آياته والتفاعل معها بغرض النفع والامتثال وأخذ العبرة، ويُشترط للتدبُّر فهم المعنى العام للآيات مع حسن النية والصدق، والناس فيه درجات بحسب درجة علمهم وقوة إيمانهم، وإن كنت تتساءل عن خُطوات عملية للتدبُّر فعليك أولًا أن تستعدَّ له بمحبة القرآن وتعظيمه في قلبك واستشعارك الافتقار إلى هدايته ونوره، وكن في صحبة القرآن في كل أوقاتك تلاوةً واستماعًا وبحثًا عما يدور بذهنك من أسئلة فيه، ولأن فهم المعنى شرط للتدبر فاحرص على فهمه من كتب التفسير، وأيضًا استعِن بكتب تبيِّن لك اللطائف في الآيات، ولا تمل من تكرار التلاوة، وربما تحدِّد موضوعًا أو سؤالًا تبحث عن جوابه في القرآن، ولا تحسب أن التدبر متمثلٌ فقط في أن تدمع عينك ويخشع قلبك، فالعمل بأحكام الله من أبواب التدبُّر الجليلة.
الفكرة من كتاب الدليل إلى القرآن – في سؤال وجواب
في زمنٍ انتشر فيه ظلام الجهل، بِتنا نرى من لا يعرف عن القرآن إلا اسمه، ومعلومات متفرقةٍ أو ناقصة أو خاطئة، وفي محاولةٍ لرفع الجهل جاء هذا الكتاب اسمًا على مسمًّى، دليلًا ييسر الطريق إلى القرآن ويُمهِّده، فتحدَّث عن القرآن ومصدريته وإعجازه وجمعه وحفظه وتدبُّره، والمزيد في عبارةٍ موجزةٍ سهلة.
مؤلف كتاب الدليل إلى القرآن – في سؤال وجواب
عمرو الشرقاوي: باحث مصري في التفسير وعلوم القرآن، درس في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، شارك في العديد من الدورات والمحاضرات على شبكة الإنترنت، ومن كتبه: “المُشوق إلى القرآن”، و”القرآن الكريم في حياة الآل والأصحاب”، و”التسهيل في أسباب التنزيل”، و”الصحابة والقرابة في القرآن الكريم.. دراسة تحليلية موضوعية”.