تداول الهيمنة العالمية بين الدول
تداول الهيمنة العالمية بين الدول
هيمنت إنجلترا على عرش التجارة العالمية بدايةً من الربع الأول من القرن التاسع عشر، حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد استطاعت أن تسيطر على التجارة العالمية بفضل “الفوائض التجارية” التي كانت تحققها عن طريق استراتيجية مهمة تعتمد على عنصرين رئيسين هما: “التبادل التجاري الحر” و”الحمائية التجارية”، حيث كانت إنجلترا تتمسك بالتبادل التجاري الحُر ما دام لا يشكل خطرًا على الصناعات والمنتجات البريطانية، فكان ذلك يزيد من قدرتها التنافسية في الخارج، وفي حال تعرضت المنتجات والصناعات البريطانية لخطر المنافسة كانت تلجأ إنجلترا إلى السياسة الحمائية التجارية بوضع عقبات أمام المنتجات والسلع التي تشكل خطرًا على منتجاتها، فمثلًا طبقت السياسة الحمائية التجارية على المنسوجات الهندية، حيث كانت الهند تنتج أقمشة حريرية بسعر معقول وجودة عالية، أما الأقمشة البريطانية فكانت أقل جودة وسعرها أغلى، مما أدى إلى توقف الاستيراد من الهند.
وعلى العكس من ذلك كانت إنجلترا تتبع سياسة التبادل التجاري الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية -المستعمرة البريطانية السابقة- فكان يجب على الأخيرة ألا تنتج أي سلع، بل عليها أن تستورد وتستهلك السلع البريطانية وحسب، فتحقق بذلك الفائض التجاري، تلك السياسة التي اعتمدت على مبدأي التبادل التجاري الحر والحمائية التجارية هي التي حققت لبريطانيا الهيمنة الاقتصادية على العالم لمدة قرن ونصف القرن، لذلك عندما قامت حرب الاستقلال في أمريكا، اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية نهج بريطانيا نفسه، إذ قال الرئيس الأمريكي آنذاك موجهًا كلامه لبريطانيا: “أيها السادة الإنجليز، لقد قمتم منذ قرنين من الزمان بحماية صناعتكم وقد أدى ذلك إلى نجاحكم الصناعي، والآن تقولون لنا يجب تطبيق التبادل التجاري الحُر! بل سوف نفعل كما فعلتم ثم بعدها سنحرر تجارتنا!”، وهذه الاستراتيجية الحمائية التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنتجات والصناعات البريطانية كانت سببًا في تخطي نظيرتها البريطانية، والتي مهدت بعد ذلك لأمريكا أن تحل محل بريطانيا، لتصبح هي المهيمنة على التجارة العالمية منذ الأربعينيات من القرن الماضي.
الفكرة من كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
يشهد العالم حاليًّا وخلال السنوات القليلة الماضية صراعًا سياسيًّا واقتصاديًّا بين جمهورية الصين والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الهيمنة العالمية، والواقع الحالي يشير إلى أن الصين تخطت الاقتصاد الأمريكي الذي كان يعادل ثلاثة أضعاف الاقتصاد الصيني منذ أكثر من عشر سنوات!
حيث ظن الجميع عندما تبنَّت الصين النظام الرأسمالي خلال النصف الثاني من القرن العشرين أنها سوف تتجه ولا ريب نحو الديمقراطية، لكنها على عكس المتوقع أقامت نظامًا خاصًّا بها وهو “الرأسمالية الشمولية” الصينية في مواجهة “الرأسمالية الديمقراطية” الغربية.
مؤلف كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
أنطوان برونيه : كاتب اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، حاز جائزة أفضل الاقتصاديين في السوق الباريسية، ويدير حاليًّا مؤسسة (A.B.) للأسواق.
جون بول جيشار : اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، ويشغل منصب أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، إلى جانب شغله منصب أستاذ محاضر في برنامج “جون مونيه” للاتحاد الأوروبي.
من أبرز مؤلفاتهما:
Du tsarisme au totalitarisme
L’Etat-parti chinois et les multinationales
Précis D’histoire De La Civilisation Occidentale
معلومات عن المترجم:
عادل عبد العزيز أحمد: مترجم مصري، تخرج في كلية التجارة جامعة الأزهر قسم الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير من جامعة باريس في التجارة الدولية، ودرجة الدكتوراه من جامعة نيس الفرنسية، ويعمل حاليًّا مستشارًا اقتصاديًّا في مكتب بيتكوم باريس، ورئيسًا للجمعية الأورومتوسطية للتنمية المستدامة في مصر ومقرها باريس، وله العديد من الأبحاث والمؤلفات والكتب المترجمة.