الصين كقوة عُظمى
الصين كقوة عُظمى
تمتلك الصين أهم الموارد الاقتصادية وهو “السكان”، حيث يقطنها قرابة 1340 مليون نسمة، أي نحو 20% من سكان العالم، ورغم هذا العدد الهائل من السكان؛ فإن الصين استطاعت أن تحقق الاكتفاء الذاتي -وبخاصة من الغذاء- وإلى جانب الثروة البشرية؛ فإن الصين تعد القوة التجارية (رقم واحد) في العالم منذ عام 2009، حيث تجاوزت لأول مرة الصادرات الألمانية واليابانية وكذلك الأمريكية على نحو ملحوظ، كما أنها صارت أكبر دولة تحقق “فوائض تجارية” هائلة، حيث بلغت الفوائض التجارية الصينية نحو 250 مليار دولار، وهذا الرقم في الحقيقة قد يصل إلى الضعف أو أكثر إذا حَسبنا الفوائض التجارية الصينية مع كل دولة على حدة.
كما تُعد الصين القوة “المالية” الأولى في العالم، حيث استحوذت على 4 تريليونات دولار من الاحتياطي النقدي العالمي، فهي تهيمن على سوق الأوراق المالية والسندات في العالم، حيث تستحوذ الصين على قرابة الـ900 مليار دولار من السندات الأمريكية، ونحو 630 مليار دولار من سندات الدول الأوروبية، فأصبحت بذلك دائنة لدول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثَمَّ تعد الصين منافسًا قويًّا لأمريكا التي تعد صاحبة الاحتياطي النقدي من الدولار، كما أن الإصدار المفرط للدولار من جانب الأخيرة سوف يفضي في نهاية المطاف إلى التبعية المالية للصين، فالأزمة المالية التي حدثت في اليونان عام 2010 كانت مجرد رأس جبل الجليد الظاهر، وأن الأزمات المالية سوف تنتشر في أوروبا دولة بعد أخرى كالنار في الهشيم، فالصين الآن تتمتع بقدرة على استغلال مكانتها “كدائن” للدول الغربية لزعزعتها وإضعافها.
حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ظلت الصين تنتج سلعًا بسيطة كالألعاب الخشبية والأدوات المنزلية والمصنوعات البلاستيكية، وتصور الغرب حينذاك أن إنتاجها سوف يظل مقتصرًا -وإلى الأبد- على هذه الصناعات، لكن وعلى عكس التوقعات الغربية وطئت أقدام الصين جميع المجالات الصناعية، حتى أصبحت تُصدِّر الحاسبات الآلية والقطارات فائقة السرعة، وفي طريقها لتصدير الطائرات والمفاعلات النووية، وإلى جانب تلك القوة الصناعية التي تمتلكها الصين، فإن لديها قوة عسكرية مذهلة ومرعبة، بجانب القوة الدبلوماسية؛ حيث أنشأت شبكة من العلاقات الخارجية مع العديد من دول شرق ووسط آسيا، كذلك حضورها على الساحة الأفريقية، حيث تعد أفريقيا حكرًا على الصين!
الفكرة من كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
يشهد العالم حاليًّا وخلال السنوات القليلة الماضية صراعًا سياسيًّا واقتصاديًّا بين جمهورية الصين والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الهيمنة العالمية، والواقع الحالي يشير إلى أن الصين تخطت الاقتصاد الأمريكي الذي كان يعادل ثلاثة أضعاف الاقتصاد الصيني منذ أكثر من عشر سنوات!
حيث ظن الجميع عندما تبنَّت الصين النظام الرأسمالي خلال النصف الثاني من القرن العشرين أنها سوف تتجه ولا ريب نحو الديمقراطية، لكنها على عكس المتوقع أقامت نظامًا خاصًّا بها وهو “الرأسمالية الشمولية” الصينية في مواجهة “الرأسمالية الديمقراطية” الغربية.
مؤلف كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
أنطوان برونيه : كاتب اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، حاز جائزة أفضل الاقتصاديين في السوق الباريسية، ويدير حاليًّا مؤسسة (A.B.) للأسواق.
جون بول جيشار : اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، ويشغل منصب أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، إلى جانب شغله منصب أستاذ محاضر في برنامج “جون مونيه” للاتحاد الأوروبي.
من أبرز مؤلفاتهما:
Du tsarisme au totalitarisme
L’Etat-parti chinois et les multinationales
Précis D’histoire De La Civilisation Occidentale
معلومات عن المترجم:
عادل عبد العزيز أحمد: مترجم مصري، تخرج في كلية التجارة جامعة الأزهر قسم الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير من جامعة باريس في التجارة الدولية، ودرجة الدكتوراه من جامعة نيس الفرنسية، ويعمل حاليًّا مستشارًا اقتصاديًّا في مكتب بيتكوم باريس، ورئيسًا للجمعية الأورومتوسطية للتنمية المستدامة في مصر ومقرها باريس، وله العديد من الأبحاث والمؤلفات والكتب المترجمة.