لمن هذا المشروع؟
لمن هذا المشروع؟
من بين ما أثاره مشروع إسلامية المعرفة من ضجة في الأوساط العلمية، كان اختلافًا حول أحقية وسبق المعهد إلى هذا المفهوم، فادعى سعيد العطاس أنه كتب حول هذا المفهوم قبل تبنِّي المعهد له في الثمانينيات، وعلى كلٍّ فإن هذا المصطلح وهذه الفكرة نشآ في الغرب على يد مجموعة من الطلبة المسلمين الذين هاجروا إلى دول أوروبا وأمريكا خلال ستينيات القرن العشرين، فحصلت لهم صدمة حضارية إزاء ما يرونه من قيم غريبة وما يحصِّلونه من معارف غربية، كما أتاح لهم جو الحريات السائد هناك، فرصة للتجمُّع والتحاور حول هذه القيم والمعارف، وبحث موقع الإسلام منها؛ فكُلِّلت تلك الجهود بظهور مؤسسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي عام 1981، واتخذت من ولاية هيرندن بالولايات المتحدة مقرًا رئيسًا لها ليرعى هذا المشروع، ويحمل رسالته للعالم.
بعدها أخذت منتجات وأنشطة المؤسسة تظهر في العالم الإسلامي، فأُنشئ فرع لها في الأردن (1990)، وآخر في السودان يُسمَّى “معهد إسلام المعرفة” (1990) ضمن جامعة الجزيرة، وثالث في مصر تحت عنوان “مركز الدراسات المعرفية” (1996)، وخلال هذه الفترة من نشأة المعهد حتى الآن أصدر العديد من المؤلفات والكتب التي يشرح فيها أولًا رؤيته في المعرفة، وثانيًا يُفعِّل فيها هذه الرؤية في المجالات المختلفة في الاقتصاد والمالية والمناهج والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية والتربية، وتراوح حجم إصداراته بين موسوعات في التنشئة السياسية، والتربية الإسلامية، والاقتصاد الإسلامي، والعلاقات الدولية في الإسلام، ودراسات علمية مُحكمة صدرت في المجلات المُعبرة عنه: “المسلم المعاصر”، وإسلامية المعرفة في: مجلة “الفكر الإسلامي المعاصر” التي ما زالت تصدر حتى وقتنا هذا.
الفكرة من كتاب مقالات في إسلامية المعرفة
أدَّت تراكمات الاستعمار الأوروبي لشعوب وبلدان العالم الإسلامي إلى تغريب ثقافة هذه الشعوب، وجعلها منفصلة عن أي سياق تاريخي أو ديني أو جغرافي محلي، وهيمنت بفكرها الوافد على شتى مظاهر حياته ومعرفته، مُحاولةً أن تجعل منها نسخة باهتة من نمط الحياة الأوروبي، فأصبح يُنظر بعين الريبة والشك إذا أُدخل مصطلح إسلامي إلى أي شيء! فإن الزي الإسلامي، والآداب الإسلامية في الطعام والشراب ودخول المنزل والخروج منه يعد المتمسِّك بها تقليديًّا وضد الحداثة، ويرفض التقدم!
وإزاء ذلك ظهرت حركات تنادي لا بأسلمة نمط الحياة فحسب ولكن بأسلمة العلوم والمعارف المختلفة الاجتماعية منها والطبيعية، وجعلها أكثر قربًا من واقع المسلمين المُعاصر بعمقه التاريخي والحضاري، ومستمدة من الوحي مصدرًا للمعرفة إلى جانب العقل، آخذة في الاعتبار ما في التراث الإسلامي من اجتهادات تستحق النهل منها لا من الغرب وحسب.
مؤلف كتاب مقالات في إسلامية المعرفة
فتحي حسن ملكاوي: أستاذ جامعي متخصص في العلوم التربوية، وبخاصةٍ من منظور إسلامي، ولد في الأردن عام 1943، وعمل بعد حصوله على البكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة دمشق، في وزارة التربية والتعليم الأردنية خلال الفترة من عام 1966 حتى 1978، ثم بعد حصوله على الدكتوراه في التربية من جامعة ميشيغان الأمريكية عمل في التدريس الجامعي في كلية التربية وكلية الشريعة بجامعة اليرموك بالأردن في الفترة من 1984 حتى 1996؛ ليتفرغ بعد هذا التاريخ للبحث والتأليف في إسلامية المعرفة، وإدارة المشروعات المختلفة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي.
له عدة مؤلفات، منها: “منظومة القيم المقاصدية وتجلياتها التربوية”، و”نصوص من التراث التربوي الإسلامي”، و”البناء الفكري: مفهومه ومستوياته وخرائطه”، فضلًا عن عددٍ من الأعمال المُحرَّرة منها على سبيل المثال: “نحو نظام معرفي إسلامي”، بالإضافة إلى العديد من الدراسات المنشورة، كما تُرجمت بعض مؤلفاته إلى اللغة الإنجليزية.