الاختيار الجماعي
الاختيار الجماعي
ليست كل الاختيارات فردية، بل توجد بعض الخيارات الجماعية التي من شأنها أن تحدث أثرًا في المجتمع، وتهدف عديد من المجتمعات إلى تحقيق مبدأ النفعية، وهو يعني تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر قدر من الناس، وهناك عدة طرقٍ لتحقيق ذلك، لعل أشهرها هو الدستور الديمقراطي، لكن أهم عيوب الديمقراطية هي أنها تهتم بصالح الأغلبية، وهذا يعني أنها لا تمانع قمع الأقليات في سبيل صلاح الأغلبية دومًا، كما أن هناك معضلةً في نُظُم التصويتِ نفسها، ذلك أن البعض قد يتلاعب باختياراته لتحقيق شيءٍ ما، رغم أن الاختيار الذي يختاره بعيد عن قناعاته الشخصية.
فلنفترض أن هناك تصويتًا بين ثلاثة أشخاص: «س» و«ص» و«ع»، «د» شخص يريد التصويت لـ«س» ومؤمن أنه الأصلح، لكنه يعلم أن التنافس الحقيقي بين «ص» و«ع»، هو لا يريد أن يفوز «ع»، فسيختار «ص» من أجل ذلك، حتى لو كان «ص» يخالف قناعات صديقنا «د».
هناك شرط مهم في الاختيارات الجماعية وهو شرط المجهولية، ويهدف إلى معاملة الناس على حد سواء، بمعنى أنه إذا تبادل شخصان تصنيفاتهما يظل اختيار المجموعة كما هو بلا تغيير، وإذا فُقِد هذا الشرط فهذا يعني أن السلطةَ لها دور في تحديد الاختيار، فصاحب السلطة له الحق في تقرير مصير الاختيار، ومن هنا يظهر مصطلح «الديكتاتورية»، الذي يعني تجمع السلطة في يد شخصٍ أو مجموعةٍ من الأشخاص هي التي تقرر مصير الاختيارات.
كذلك إعادة توزيع الثروات من الأمور التي يتم مناقشتها على مستوى الجماعة، وهي مرتبطة بنظرية الاختيار إلى حدٍّ ما، فإعادة التوزيع تُعنَى بتحقيق الصالح العام عن طريق نقل بعض الموارد مثلًا من الأغنياء إلى الفقراء، لكن هذا يحتاج إلى نظر، فلا يوجد شخص واحد يسيطر على جميع الموارد وهو الذي يقرر لمَن تذهب هذه الموارد، ومن ثَمَّ لا يمكن إعادة توزيع الثروة بهذه الطريقة.
لكن على الجانب الآخر فإن الطبيعة البشرية خلف ستار الشك تميل إلى اتفاق إعادة التوزيع حتى يستفيد الجميع، والمقصود بستار الشك أي قبل معرفة كمية الثروة التي ستذهب إلى كل واحد، بينما لا يميل بعضهم إلى ذلك بعد التوزيع.
الفكرة من كتاب نظرية الاختيار.. مقدمة قصيرة جدًّا
كثيرةٌ هي الخيارات التي نواجهها، بدءًا من حياتنا اليومية: ماذا سنأكل؟ أي وسيلة مواصلات سنستقل؟ إلى أي مكانٍ سنذهب؟ مرورًا بالمنعطفات المهمة في حياتنا: ماذا سنعمل؟ مع مَن سنقضي بقية عمرنا؟ كذلك الخيارات على المستوى الجماعي: مَن سوف ننتخب؟
والحقيقة أن التطوُّر الحاصل في عالمنا زاد من الخيارات المتاحة أمامنا، وهذا وإن كان أمرًا جيدًا في حدِّ ذاتِه إلا أنه فتح أبواب الحكم على اختيارات الأشخاص، فأصبحنا نصِف بعض الاختيارات بالعقلانية وبعضها بعدمها، كما أننا صرنا نتساءل عن كيفية الاختيار عند عدم وضوح النتائج، وهل الإستراتيجيات المطبَّقة في أثناء الاختيار على المستوى الفردي هي ذاتها التي تطبَّق في أثناء الاختيار على المستوى الجماعي؟
يبيِّن الكتابُ نظريةَ الاختيار وكيفيةَ تطبيقها على مستوى هذه السياقات المختلفة، موضحًا معنى العقلانية، مع مناقشةٍ لفكرة توزيع الموارد.
مؤلف كتاب نظرية الاختيار.. مقدمة قصيرة جدًّا
مايكل ألينجهام : خبير اقتصادي بريطاني، وزميل كلية مودلين بجامعة أوكسفورد، درس عديد المجالات كالفلسفة الطبيعية والاقتصاد السياسي في جامعة إدنبره، واشتغل بالتدريس في عدد من الجامعات، وشغل منصب رئيس قسم النظرية الاقتصادية في جامعة كنت.
اشتهر بأعماله عن نظرية الاختيار وعدالة التوزيع، ومن أشهر مؤلفاته في هذا الصدد: «نظرية الاختيار العقلاني» و«التوازن وعدم التوازن» و«نظرية الأسواق».