الإسلاميون في السجون
الإسلاميون في السجون
هل من الممكن تحميل الإسلاميين مسؤولية وحشية النظام ضد الجميع؟
رغم وجاهة الفكرة زمنيًّا، فلا يمكن أن تكون صحيحة، ففيها جبرية غير مقبولة، وهي بسبب معارضة الإسلاميين توحُّش النظام وتسلُّطه عليهم، ومن ثم شمل التسلُّط والظلم الجميع! ففي الحقيقة كلٌّ مسؤول عن خياراته.
تحمَّل الإسلاميون في السجون ما لا يطيقه بشر، وأكثرهم كانوا بسجن تدمر، ذلك السجن المطلق، الذي لا يدخل الزمن إليه ولا يخرج منه، محرومين من كل شيء، من قتل الوقت أو كسبه، من الاطمئنان ولو قليلًا، من الظروف الآدمية للحياة وغير ذلك، والعجيب في ذلك أنهم مقلُّون في كتاباتهم عن تلك الفترة، وإذا كتبوا كانت كتاباتهم توظيفية في ظل سرديتهم الكبرى للمظلومية وفضح النظام وقمعه، هل السبب هو منظورهم وعقيدتهم! ربما، ذلك أنها تباعدهم عن أنفسهم، وتقدِّم لهم تصورًا مسبقًا عن العالم.
أما لحظات الإفراج في عام 1991 وما تلاها، فلم يعنِ الإفراج عن المعتقلين الإفراج عن السياسة، فالكل خرج إلى مجتمع خائف مرعوب، ومفكَّك ومنكفئ على ذاته، لم يعد في المركز شيء غير السلطة وأجهزتها الأمنية، فالروابط تفكَّكت، والأراضي الاجتماعية لنمو المجتمعات المدنية والأحزاب والمنظمات حُرِقت، صحيح أنه أتيح هامش ما للحركة والحديث بعد عام 2000، ولكن كان بحساب وبقلق وخوف، وحرم الإسلاميون من ذلك بكل تأكيد، وكان هذا قانونًا صارمًا، تمَّ به عزلهم عن المجال العام.
الفكرة من كتاب بالخلاص يا شباب.. 16 عامًا في السجون السورية
إن هذا الكتاب لا يعده كاتبه ضمن أدب السجون ولا البحث الاجتماعي، ولا حتى كتبه بروح المظلومية وفضح النظام، ولكن الكتاب تأمُّلات قصة حياة السجن، ويحمل طابع السير الذاتية، فحياته كانت في الداخل، وجزء من تكوينه الأساسي كان في السجن، فقد دخل وهو ابن عشرين عامًا، ونشر الكتاب وهو في الخمسين.
يبدأ موضوع الكتاب من لحظة الاعتقال في فجر أحد أيام ديسمبر عام 1980، طالب الطب صاحب العشرين عامًا، وعضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي السوري ياسين الحاج صالح، ليقضي ستة عشر عامًا وأربعة عشر يومًا ما بين سجن المسلمية بحلب، ثم سجن عدرا بدمشق عام 1992، وأخيرًا ينهي المأساة بمأساة أكبر استمرت نحو سنة كاملة في سجن تدمر الرهيب، ليخرج في أواخر ديسمبر عام 1996م.
مؤلف كتاب بالخلاص يا شباب.. 16 عامًا في السجون السورية
ياسين الحاج صالح، كاتب سياسي ومعتقل يساري سابق، مؤلف مشتغل بالشؤون السورية ونقد الثقافة والإسلام المعاصر.
وُلِدَ في مدينة الرقة عام 1961م، واعتُقِل عام 1980م في السنة الثالثة لكلية الطب، بتهمة الانضمام إلى تنظيم شيوعي ديمقراطي، ويعتبر حاليًّا من أهم الكتاب السوريين في قضايا الثقافة والعلمانية والديمقراطية والإسلام المعاصر.
من مؤلفاته: “سوريا من الظل”، و”أساطير الآخرين: نقد الإسلام المعاصر ونقد نقده”، و”السير على قدم واحدة”، و”الثقافة كسياسة: المثقفون ومسؤولياتهم الاجتماعية في زمن الغيلان”، و”أي إسلام وأي علمانية”، و”بالخلاص يا شباب”.