إطار واحد وطرق مختلفة
إطار واحد وطرق مختلفة
إن الوحي بثوابته وقطعيَّاته يمنحنا الأطر التي تساعدنا على التعامل مع مختلف شؤون الحياة كافة، فقدراتنا الذهنية مهما تفوَّقت فهي في النهاية محدودة، لا تستطيع بلورة الثوابت، لكنها تستطيع التخطيط والعمل لتوظيف المنهج الرباني في حياة الناس على النحو الأفضل.
والمبادئ الفطرية الموحَّدة التي فطر الله الناس عليها والعمل في إطارات محددة يقينا الوقوع في الوهم، لكن ينبغي ألا يجعلنا مقيَّدين أو جامدي الفكر، إذ يملك الناس أشكالًا متنوعة من الثقافة والخبرة تقودهم إلى معالجة القضايا بأنماط مختلفة تقود إلى نتائج متنوعة، وأحيانًا نفكر بطرق مختلفة ولكن نصل إلى نتيجة واحدة، ولا بأس في ذلك إن لم يتكرَّر كثيرًا لأن تكراره إما يعني أن تفكيرنا مشوَّه، أو أننا ندَّعي التفكير.
لماذا قد يفكِّر الناس بنفس الطريقة؟ ربما يكون ذلك نتيجة هيمنة بعض الأفكار على مصادر الإعلام والتثقيف، أو نتيجة لخوف الناس من ارتكاب الأخطاء بطرحهم رأيًا مخالفًا للجماعة أو رغبة في تضامن الآخرين معهم، أو بسبب نفوذ أسلوب معين في التدريس في جامعة أو مؤسسة، وليس المطلوب أن نصل إلى تفكير فوضوي متسيِّب، ولا أن يتشابه تفكيرنا إلى حد التطابق، فخير الأمور الوسط.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.