العقلية التي نحتاج.. كيف تبدو؟
العقلية التي نحتاج.. كيف تبدو؟
نحن في زماننا هذا، نحتاج إلى عقلية إسلامية معاصرة، إسلامية تذعن لأمر الله وتنتج المفاهيم والأفكار في إطار الوحي وفق روح الشريعة وفي ضوء ثوابتها، كي لا نقع فيما وقعت فيه الحضارة الغربية من مادية وتيه، ومعاصرة تتبُّع المنهج العلمي الرصين لكيلا نتعرَّض للتهميش الحضاري ولا نندمج في أمة أخرى فاقدين هويَّتنا.
نحتاج إلى عقلية مستقبلية، والمؤمن بطبيعته يمتلك تلك العقلية بتطلُّعه إلى ثواب الآخرة، وتجعلنا تلك العقلية ندرك أن النتائج المرضية هي ثمرة عمل تراكمي –مهما كان ضئيلًا- وأن الخطط الملزِمة المرنة طريق للنجاح. إننا نحتاج إلى عقلية تجريبية، فالصور الذهنية المجردة والخيال لا تُغني في فهم الواقع وحل المشكلات.
والقرآن الكريم وجَّهنا في مواضع كثيرة إلى التأمل في خلق السماوات والأرض وإلى قراءة تاريخ الأمم السابقة بالنظر في آثارهم، وظهرت استجابة المسلمين لذلك في قرون مضت، إذ استطاعوا -برغم تأثُّرهم بعلوم اليونان المجردة المجافية للتجربة- أن يستخدموا العلم في فهم أسرار الطبيعة وتسخيرها، ولكن العقلية التجريبية فقدت وضعف البحث العلمي في منطقتنا لغياب الاستقرار، وغياب الدعم المادي والمعنوي من الدول والمجتمعات.
ولكن علينا الانتباه لخطورة العقل التقني الذي يكاد يحصر دور العقل في الاختراع والاستكشاف، مغفلًا دوره في الإرشاد الأخلاقي مع تضاؤل المعايير الأخلاقية في عصرنا، فيخترع الإنسان من القنابل والأسلحة وغيرها ما يهلك ولا ينفع.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.