كيف ننمِّي عقليَّاتنا وأفكارنا؟
كيف ننمِّي عقليَّاتنا وأفكارنا؟
موارد تنمية العقلية كثيرة، أولها التقليد، فبه يبدأ الطفل التعلم من أبويه ويقتدي بهم، ولكنه لا يمكن أن يكون المصدر المعتمَد عليه دائمًا، فالإفراط فيه يحول بيننا وبين البصيرة والتدبُّر والمنهجية، أما أحداث الحياة فهي التي تمنح الإنسان الخبرة، وتختبر قدراته فتُثبتها أو تنفيها، ولكنها لا تمنحه إجابات قطعية إذ تتأثَّر بظروف مختلفة ربما لا يكون له دخل فيها، وتساعدنا الملاحظة على إدراك روابط السببية بين الأشياء.
كما يساعدنا التأمل على رؤية السنن الربانية في الكون وفي الناس، وفي ترتيب معلوماتها وجمعها في أنساق منظمة، ويكشف لنا وجوه الخلل ووجوه القوة فينا وفيما حولنا فيفتح لنا بذلك فرصًا جديدة، والمدارس برغم عيوبها تقدِّم ما لا نجده عند غيرها من مساقات ومناهج فيها معرفة منظمة ومن تعليم الأساتذة، أما الحوار فيبني رؤية متكاملة شاملة بإضاءته النقاط المظلمة عند كلٍّ من المحاورين، فيؤصِّل للمفاهيم الجديدة وينقد القديمة ويقوِّيها.
وتعدُّ القراءة والمطالعة المورد الأهم لتنمية العقلية إذا نحن انتبهنا للهدف الذي نقرأ لأجله وهو تنمية المعرفة لا استهلاكها فقط، ولحسن اختيار ما نقرأه ليرتقي بنا ولكيفية قراءته، أما الأفكار فتنمو وتكثر بطلب الفتح والهداية من الله، وبإقحام العقل في قضايا ومشكلات يواجهها، والاستفادة مما لدى الآخرين باستعارة أفكارهم وتنميتها في سياقات أخرى، وبالنظرة النقدية المتوازنة، والاستكشاف، والتحرُّر من الأفكار المسيطرة، وبالتطبيق.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.