تشكُّل العقلية
تشكُّل العقلية
يمكننا تعريف العقلية بأنها المفاهيم والأساليب التي نستوعب بها واقعنا، ونبني بها أحكامنا على الأحداث والأشياء، وننظم في ضوئها ردود أفعالنا، وإن كان يصعب الفصل بين العقلية ومضمون الأفكار التي يعالجها العقل، فكلٌّ منهما يتأثَّر بالآخر، وتسهم في تشكيل العقلية وبنائها عوامل وراثية وتربوية وبيئية، أما الوراثية فبما يرثه المرء عن والديه وأجداده من قدرات ذهنية يمنُّ الله عليه بها.
وأما التربية فلها تأثير واسع في تشكيل عقلية الطفل إذ ترتسم ملامح أساسية لشخصيته في سنينه الأولى ثم يأتي التكميل والتفصيل، ويتأثَّر في ذلك بتوجُّهات أسرته وطباعها، فمن ينشأ مثلًا في أسرة طبعها المصارحة والمكاشفة، يكون على درجة عالية من الوضوح والانفتاح في علاقاته، ومن ينشأ في عائلة لأبنائها باعٌ في التفوُّق العلمي والأكاديمي، يكون ذلك دافعًا له أن يحذو حذوهم.
أما البيئة العامة التي ينشأ فيها الإنسان فتؤسِّس بشكل كبير طريقة تفكيره وتحدِّد نوعية المفاهيم التي يستقيها، فمن يعيش في بيئة متقدمة علميًّا يتسم تفكيره بالمنطقية ويميل إلى التجريب واحترام القوانين التي تنظم علاقته بالآخرين، أما من يعيش في بيئة متأخرة فإن تفكيره يفتقد كثيرًا من الموضوعية وربما تسيطر عليه أوهام ومفاهيم خاطئة، لذا فإن للبيئة تأثيرًا كبيرًا في تشكيل عقليتنا وأفكارنا.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.