صراع بين العبيديين والشمال الأفريقي
صراع بين العبيديين والشمال الأفريقي
احتلَّ عبيد الله المهدي طرابلس وعيَّن ماكنون بن ضبارة اللحياني واليًا عليها، لكن سرعان ما ثارت القبائل الكبرى عليه وأخرجته من طرابلس بسبب ظلمه وتعدِّيه على الأموال والأعراض، فأرسل عبيد الله أسطولًا بحريًّا سرعان ما تم إحراقه من قِبل الأسطول الطرابلسي، ثم أرسل ابنه أبو القاسم الذي حاصر طرابلس حصارًا شديدًا أعلنت على إثرِه التسليم ودخلها أبو القاسم الشيعي وفرض عليها الغرامات.
واستطاع عبيد الله بعد ذلك الاستيلاء على برقة عن طريق قائده حباسة بن يوسف الكتامي الذي عُرف عنه قسوته وقتله الآلاف من أهل برقة ونهب أموالهم وسبي نسائهم، فثار أهل برقة عام 302هـ وقتلوا الكثير من العبيديين، فأرسل المهدي جيشًا بقيادة أبو مديني بن فروخ الذي أخضع المدينة عنوة، وبذلك استطاعت الدولة العبيدية بسط نفوذها على تونس وطرابلس وبرقة وجزيرة صقلية.
وفي أواخر حياة عبيد الله المهدي ظهر رجل كاره لأهل السنة طامع في القيادة يُدعى أبو يزيد الخارجي قاد ثورة ضد العبيديبن وخدع أهل السنة مُظهرًا نفسه واحدًا منهم، ليشتعل الشمال الأفريقي بحروب طاحنة بينه وبين العبيديين استمرت بعد وفاة عبيد الله المهدي عام 322هـ وتولّي ابنه محمد بن عبيد الله الذي كان ظالمًا قاتلًا، فسبَّ الأنبياء وقتل العلماء وأمر بإحراق المساجد والمصاحف، ثم خلفه المنصور أبو الطاهر إسماعيل المهدي عام 334هـ، وهو الذي قضت جيوشه على أبي يزيد الخارجي وأخمدت ثورته سنة 336هـ.
تولى بعد ذلك المعز لدين الله وكنيته أبو تميم، واستطاع أن يمدَّ نفوذه شرقًا وغربًا، حيث اقتنص فرصة موت كافور الإخشيدي سنة 355هـ في مصر وحشد جيوشًا ضخمة بقيادة جوهر الصقلي الذي استطاع في سنة 358هـ دخول مصر ثم دمشق، وفي عام 365هـ تُوفي المعز في القاهرة.
الفكرة من كتاب الدولة العبيدية الفاطمية
طبقًا للأحاديث النبوية الصحيحة، فإنه سيخرج آخر الزمان من أهل البيت رجلٌ يملك سبع سنين ينشر فيها العدل والسلام بعد الجور والظلم، ويكون اسمه كاسم رسول الله ﷺ واسم أبيه -أي محمد بن عبد الله- ويكون من ذرية فاطمة (رضي الله عنها)، وظهوره من المشرق، وسيحضر نزول عيسى ابن مريم (عليه السلام) الذي سيُصلِّي خلفه، هذا الرجل هو المهدي، وقد ذُكر في خمسين حديثًا، بيَّن أئمة الحديث الصحيح فيها من غيره.
وفي إثر هذا ظهرت جماعات من الشيعة بقيادة دجالين كاذبين ادَّعى بعضهم أنهم المهدي المنتظر، فاستحلوا الدماء والأعراض وحرَّفوا القرآن والسُّنَّة، وعلى هذا فيتحدث هذا الكتاب عن تاريخ الدولة العبيدية الفاطمية بنوع من الدراسة البحثية.
مؤلف كتاب الدولة العبيدية الفاطمية
علي محمد محمد الصلابي: فقيه ومؤرخ ومحلل سياسي ليبي الجنسية، نال درجة الماجستير في أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن، كما حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية.
وله العديد من المؤلفات، منها: “دولة السلاجقة: موسوعة الحروب الصليبية”، و”السلطان الشهيد عماد الدين زنكي”، و”صفحات مشرفة من التاريخ الإسلامي”، و”فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب”.