سايكس بيكو ووعد بلفور
سايكس بيكو ووعد بلفور
رسمت اتفاقية “سايكس بيكو” عام 1916 شكلين من الحكم لبريطانيا في الشرق الأوسط أحدهما “سلطة بريطانية مباشرة”، وأخرى “إدارة عربية تحت نفوذ بريطاني”، وبذلك استطاعت بريطانيا من خلال سيطرتها على المنطقة المحاذية لقناة السويس أن تضمن لنفسها عمقًا دفاعيًّا في حال وجود أي خطر يأتي من الشمال خصوصًا الخطر الفرنسي، وكذلك سلطتها في منطقة كركوك بالعراق حيث النفط، لكن الجزء الأكبر من أراضي فلسطين التاريخية لم يتفق الأطراف (البريطانيون والفرنسيون والروس) في الاتفاقية عليها، وبالتالي ذهبوا إلى خضوعها للإدارة الدولية.
نجد هنا أنه لم يكن هناك أي ذكر للمشروع الصهيوني في اتفاقية سايكس بيكو، لكن حدث تغيير جذري في الموقف البريطاني بعد أشهر قليلة من اتفاقية سايكس بيكو عندما تغيرت الحكومة البريطانية وجاء “ديفيد لويد جورج” رئيسًا للحكومة البريطانية، كما جاء “آرثر بلفور” وزيرًا للخارجية، وكان ديفيد لويد متعاطفًا مع فكرة وجود وطن لليهود في فلسطين، كما أنه كان يرى أن اتفاقية سايكس بيكو مجرد اتفاقية خرقاء، وقد كان همه هو منع فرنسا من فرض حمايتها على فلسطين.
استغل الصهاينة هذا التوجه البريطاني الجديد، فقام “حاييم وايزمان” بالاجتماع مع مساعد بلفور، وأبلغه أنه سوف يعمل من أجل أن تكون فلسطين يهودية تحت الحماية البريطانية، وقد أدى ذلك في النهاية إلى وعد بلفور، وهو (وعد من لا يملك لمن لا يستحق)، حيث امتطت بريطانيا أكتاف الصهيونية من أجل أن تكون فلسطين تحت الحماية البريطانية.
لكن هذا الاتفاق البريطاني الصهيوني كان يشوبه عيب أساسي، وهو أن نسبة اليهود خلال هذه الفترة -رغم هجرتهم إلى فلسطين- كانت (7.5%) من مجموع السكان، وكان علاج هذا العيب كامنًا في المشروع الصهيوني الذي اختار من بين أنواع الاستعمار نمط الاستعمار (الكولونيالي الاستيطاني)، حيث يقوم هذا النمط الاستعماري على الهجرة البشرية المسلحة إلى الأرض المراد استعمارها، إلى جانب طرد السكان الأصليين واستئصالهم، وتدمير البنى التحتية للسكان الأصليين واستبدال سلطة سياسية للمستعمر بها، وفي نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين كان قد وصل عدد اليهود في فلسطين إلى ثلث السكان!
الفكرة من كتاب الجريمة المقدسة.. الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني
إن ما يعانيه الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني ليس مجرد قتل عادي أو عشوائي، بل هو بمثابة قتل ممنهج مخطط له، والهدف من ورائه إلى تحقيق إبادة جماعية للشعب الفلسطيني من أجل تثبيت أركان المشروع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، ويعتمد المحتل الصهيوني في تطبيقه العلمي للإبادة الجماعية والتطهير العرقي على الكولونيالية الاستيطانية إلى جانب القصص والنصوص الواردة في الكتاب العبري “التوراة”.
مؤلف كتاب الجريمة المقدسة.. الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني
عصام سخنيني، هو أستاذ التاريخ في جامعة البترا الأردنية ونائب المدير العام لمركز الأبحاث الفلسطينية في بيروت بين عامي 1971 و1978، وله العديد من المؤلفات التاريخية، منها: “فلسطين والفلسطينيون”، و”تهافت التاريخ التوراتي”، و”القدس.. تاريخ مختطف وآثار مزورة”، و”عهد إلياء والشروط العُمرية”، و”الإسرائيليات”.