المشكلة في الإنسان
المشكلة في الإنسان
نحن إذا تأملنا قصة بني إسرائيل في القرآن وجدنا -كما يقول الراغب الأصفهاني- أن الشعوب التي تنشأ في الاستبداد وتُساس بالظلم تفسَد أخلاقها وفطرتها وتأنَس بالذُل والمهانة ويذهبُ بأسها وتُضرَب عليها الذلة والمسكنة، وصلاحُ الأممِ بعد فسادها على هذا النحو لا يكون إلا بإنشاء جيلٍ جديد يجمع بين حرية البداوة والعزة والاستقلال وبين معرفة الشريعة والفضائل والعمل بهما، وكان يقود هذا في العصور السالِفة الأنبياء ويقوم به بعد ختم النبوة ورثةُ الأنبياء، أي العلماء الذين يجمعون بين العلم بسنن الله في الاجتماع، وبين البصيرة والصدق والإخلاص وحب الإصلاح وإيثاره على الشهوات.
ويقول الكاتب إن التيه كان ضرورةً ليرتقي ببني إسرائيل وبنفوسهم وطبائعهم، فهؤلاء كان معهم النبي والمنهج الرباني لكن نفوسهم التي فسَدت لم تنتفع بذلك، ونحن الآن نملك المنهج لكن مشكلتنا في الإنسان، لذا لا بدَّ أن نعيد إليه عزته أولًا، ولا يجب أن تغرنا السلوكيات الظاهرة، فبنو إسرائيل الذين كانوا مع موسى (عليه السلام) كانوا يؤمنون بالله ويؤدون الشعائر لكنهم كانوا بمجرد شعورهم بالجوع أو التعب يتململون، ويفضلون حياة الذل مع الطعام والشراب على حياة العزة مع قليل من شظف العيش، فهل نختلف عنهم حقًّا ونحن نثور من أجل رغيف الخبز وننسى أكوام المآسي التي نجلس عليها؟
نحن في مرحلة التيه، والسبيل إلى الخروج من التيه هو باستعادة الإنسان، فمن هو الإنسان حقًّا؟
قال الله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾، فهل تأملنا هذه الآيات؟ حسب نظرنا خلق الإنسان مُقدَّم على تعليم البيان ، وتعليم البيان مُقدم على تعليم القرآن، لكن ترتيب الآيات هنا يُنبهنا –كما نفهم من كلام الأصفهاني- أنَّ الإنسان لا يكون إنسانًا حقًّا إلا بالقرآن ولا يكون كلامه بيانًا إلا إذا وافق مقتضى الشرع، ويعقب الكاتب بأن الدين لا يثمر إلا مع الإنسان، فعلينا التوقف عن اعتبار المسلم المعاصر مستعدًّا للنهضة لكن تنقصه بعض المعلومات والسلوكيات، علينا بناء جيلٍ جديد.
الفكرة من كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
هل يعرف المسلم المعاصر نفسَه؟ هل يدرك دورَه في حركة التاريخ؟ هل يملك رؤية واضحة لواقعه؟ لماذا لا نتغير؟ ما الذي يعوق نهضتنا؟ تساؤلات تُثير تساؤلات أخرى، وتبعث في النفسِ شجونًا…
يحدِّثنا الكتاب عن الطريق إلى التغيير، عن القراءة والنقد، وعن الواقع والتاريخ، وعن المحن والسعادة، وغيرها؛ محاوِلًا سطر إجابات لتلك التساؤلات…
مؤلف كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
إبراهيم أحمد العِسْعِسْ، مفكر إسلامي وداعيةٌ أردني، حاصلٌ على الماجستير في الحديث النبوي الشريف وعلومه، ويدرس الدكتوراه في التخصص ذاته، وهو محاضر سابق بجامعة اليرموك، ومتفرغ حاليًّا للعمل الدعوي والفكري.
له عديد من المقالات والمحاضرات على شبكة الإنترنت، ومن كتبهِ: “الصداقة والأصدقاء”، و”دراسة نقدية في علم مشكِل الحديث”،و” السلف والسلفيون: رؤية من الداخل”، و”الأمة والسلطة باتجاه الوعي والتغيير”.